الزّيوت والدّهون مكوّنات أساسيّة في نظامنا الغذائيّ. ما الّذي يميّزها؟ وفي أيّ زيت يجب أن تُقلى مأكولات الأعياد؟

تعتبر الزّيوت بشكل عامّ، وزيت الزّيتون بشكل خاصّ، فكرة مركزيّة في تحضير الوجبات في الأعياد. 

يعتبر زيت الزّيتون ذا دلالة مقدّسة في جميع الأديان، ولكن ماذا عن القلي؟ هل يُوصى بالقلي في زيت الزّيتون، وهل من الأفضل القلي فيه وليس في الزّيوت الأخرى؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، دعونا ننظر إلى زيت الزّيتون والقلي فيه من زاوية علميّة. كيف تؤثّر خصائص زيت الزّيتون على العمليّات التّي يمرّ بها أثناء القلي وعلى الطّعام المقليّ؟ إذ لا ينصح بالقراءة عن الطّعام عندما تكون المعدة فارغة، سوف نبدأ المقال بوصفة فطائر الخضار المقليّة.

ماذا نحتاج؟

½ قرنبيط (حوالي ½ كيلو. من الممكن أيضًا استخدام قرنبيط مُجمّد تمّ تذويبه)

4 حبّات كوسة متوسّطة الحجم (حوالي ½ كيلو)

4 جزرات متوسّطة الحجم (حوالي ½ كيلو)

4 بيضات

من ¼  إلى ⅓ كوب زيت زيتون

½ كوب دقيق

ملح، فلفل وتوابل حسب الرّغبة

 

ماذا نفعل؟

اِبشروا جميع الخضار في محضرة الطّعام ثمّ انقلوها إلى وعاء كبير.

أضيفوا البيض، زيت الزّيتون، الدّقيق والبهارات واخلطوا جيّدًا. إذا كان الخليط سائلًا جدًّا، يمكنكم إضافة القليل من الدّقيق.

اِصنعوا فطائر بحجم قبضة اليد الصّغيرة من هريس الخضار.

اِقلوا الفطائر في زيت الزّيتون بواسطة القلي العميق. اِنتبهوا إلى درجة حرارة القلي - والمزيد عن ذلك لاحقًا في المقالة.

يمكنكم أيضًا خبز الفطائر في الفرن أو في المقلاة الهوائيّة (air fryer).


هل يُستحبّ القلي في زيت الزّيتون، وهل من الأفضل القلي فيه وليس في الزّيوت الأخرى؟ الفطائر مقليّة في مقلاة | Ksu Shachmeister, Shutterstock

والآن إلى العلم

تعزو العديد من الدّراسات الفوائد الصّحّيّة الكبيرة لزيت الزّيتون مقارنة بالزّيوت الأخرى. وقد وُجد أنّ معدّل الإصابة بأمراض القلب، حتّى السّرطان، أقلّ في الثّقافات الّتي تأكل ما يسمّى بأسلوب "البحر الأبيض المتوسّط" (Mediterranean Diet )، أي بوفرة من الفواكه، الخضروات، البقوليّات، المكسّرات، الحبوب الكاملة، الأسماك، زيت الزّيتون والنبيذ الأحمر. من الممكن أن تعزى هذه المنشورات إلى الاهتمام المتزايد باستخدام زيت الزّيتون في المطبخ، على الرّغم من أنّ تقليد تناول الأطعمة المقليّة في المجتمعات الشّرق أوسطيّة يسبقها بمئات السّنين.

ينتمي زيت الزّيتون إلى عائلة الزّيوت والدّهون. الخصائص المميّزة لهذه العائلة من المكوّنات تمنحها دورًا أساسيًّا في نظامنا الغذائيّ: فنحن نطبخ، نقلي، نخبز، ونتبّل بالزّيوت من مصادر عديدة: الكانولا، الذّرة، عبّاد الشّمس، الزّيتون، الأفوكادو، السّمسم، جوز الهند وغيرها. أوّلًا وقبل كلّ شيء، الدّهون طاردة للماء، أو في لغة الكيمياء كارهة للماء (حرفيًّا، في اليونانيّة، "خائف من الماء" أو Hydrophobic ). وبعبارة أخرى، الدّهون والزّيوت لا تختلط في الماء. ويمكن إثبات ذلك بمثال ملموس بشكل خاصّ عند صنع صلصة الفينيجريت، الّتي تتكوّن مكوّناتها الرّئيسيّة من الزّيت والماء (يحتوي الخلّ في الغالب على الماء). بغضّ النّظر عن مدى جودة أو قوّة مزجهما، فإنّ الزّيت والماء سوف ينفصلان إلى طبقتين واضحتين. للحصول على صلصة، يجب إضافة مكوّن آخر، والّذي سيربط بين الزّيت والماء. وفي المطبخ يمكنك الاستعانة بحقيقة عدم اختلاط الزّيت والماء، وسنعود لهذا الأمر لاحقًا.


الفوائد الصّحّيّة لزيت الزّيتون | تصميم: ليئات بيلي

موصلات، عوازل وتُضيف نكهة

خاصّيّة أخرى مفيدة للزّيوت والدّهون هي التّوصيل الحراريّ. يوصل الزّيت الحرارة بشكل جيّد، ويتبخّر عند درجة حرارة أعلى من الماء. ولذلك، إنّ طبقة رقيقة من الزّيت السّاخن تغطّي الطّعام تمنع بعض الماء الموجود فيه من التّبخّر، وبالتّالي يستمرّ الطّعام في الطّهي حتّى عند درجة حرارة تتجاوز درجة غليان الماء. عندما تصل درجة حرارة الزّيت إلى 140 درجة مئويّة، تبدأ عمليّات كيميائيّة تحدث بين مكوّنات الطّعام، ممّا يؤدّي إلى تحوّله إلى اللّون البنّيّ (تفاعلات ميلارد).

تلعب الزّيوت والدّهون دورًا مهمًّا آخر في سياق تحضير الطّعام: عندما يتمّ وضع الطّعام في أواني طهي معدنيّة، يمكن أن تتشكّل روابط كيميائيّة بينها وبين مكوّنات الطّعام، مثل البروتينات. إنّ إضافة الزّيت أو الدّهون يخلق طبقة عازلة بين أواني الطّهي والطّعام، وبالتّالي تمنع الاثنين من الالتصاق ببعضهما البعض.

لا تلعب الزّيوت والدّهون أدوارًا فنّيّة في الطّهي فحسب، بل تؤثّر أيضًا على الطّعم، فهي تذيب العديد من المركّبات المسؤولة عن الطّعم، مثل مركّبات النّكهة الّتي تتميّز بها الأعشاب والتّوابل، والّتي تؤثّر بشكل خاصّ على المركّبات الّتي ليست كذلك. وبما أنّها قابلة للذّوبان في الزّيت، فإنّ هذه المركّبات تسهم في إعطاء نكهة الطّعام وليست منفصلة عنه. كما أنّ لبعض أنواع الزيوت مذاقها الخاصّ، فهي تثري مذاق الطّعام، مثلًا زيت جوز الهند وزيت السّمسم.


عندما يصل الطّعام إلى درجات حرارة عالية، تبدأ عمليّات كيميائيّة بالحدوث بين مكوّناته، ممّا يؤدّي إلى تحوّله إلى اللّون البنّيّ. تفاعل ميلارد | Dream01, Shutterstock

هنا التّدخين مسموح

من الخصائص المهمّة بشكل خاصّ للزّيوت، خاصّة في سياق القلي، درجة حرارة التّدخين - درجة الحرارة الّتي تحدث فيها عمليّات تفكيك الدّهون. إذا قمنا بتسخين الزّيت أعلى من درجة حرارة التّدخين، فإنّه يبدأ في إطلاق الدّخان والتّفكّك. لفهم تأثير درجة حرارة التّدخين على الطّعام، من المهمّ معرفة مصدر الدّهون وعمليّة المعالجة الّتي مرّ بها. يتمّ إنتاج الزّيوت تقليديًّا من المكسّرات والبذور بواسطة السّحق والضّغط الميكانيكيّ، بطريقة تسمّى أيضًا الضّغط البارد، لأنّها لا تتضمّن التّسخين أو موادّ كيميائيّة أخرى. تحافظ هذه الطّريقة على النّكهات والألوان الطّبيعيّة للنّبات، وكذلك المعادن والمركّبات الحسّاسة لدرجات الحرارة المرتفعة. تتميّز معظم الزّيوت المنتجة بالضّغط البارد بدرجة حرارة تدخين منخفضة مقارنة بالزّيوت المكرّرة، لذلك، غالبًا ما تستخدم في الصّلصات والطّهي في درجات حرارة منخفضة نسبيًّا.

لإنتاج زيت بدرجة حرارة تدخين أعلى، تخضع الزّيوت لعمليّة التّقطير. هذه عمليّة تُستخدم لفصل المكوّنات عن الخليط بناءً على الاختلافات في نقاط غليانها. تتضمّن هذه الطّريقة تسخين خليط الزّيوت وتحويلها إلى أبخرة، ثمّ تبريدها مرّة أخرى إلى سائل. كلّما انخفضت درجة حرارة غليان أحد المكوّنات في الخليط، زادت سرعة تبخّره (تحوّله إلى غاز) ومن ثمّ تكثيفه (تحوّله إلى سائل) وإمكانيّة فصله عن الخليط. هذه العمليّة مفيدة بشكل خاصّ لإزالة الشّوائب أو المكوّنات غير المرغوب فيها، مثل المركّبات المتطايرة الّتي تؤثّر على الطّعم والرّائحة. وفي نهاية العمليّة، يتمّ الحصول على زيت محايد في مذاقه، وله مدّة صلاحيّة أطول ودرجة حرارة تدخين أعلى، لكنّ العناصر الغذائيّة الّتي أزيلت منه في عمليّة التّكرير غير موجودة. تصبح الاختلافات بين الزّيوت المستخرجة في الضّغط البارد والزّيوت المكرّرة واضحة إذا قارنّا، على سبيل المثال، زيت الكانولا بزيت الزّيتون. زيت الزّيتون المُستخرج بالضّغط البارد له لون داكن، ومن المعتاد تخزينه في قارورة زجاجيّة أو علبة داكنة لمنعه من التّأكسد في وجود الضّوء. زيت الكانولا المكرّر (المشتقّ من اللّفت) ذو لون فاتح، ويتمّ تسويقه في أوعية زجاجات شفّافة. 


يتم إنتاج الزّيت المستخرج بالضّغط البارد بواسطة السّحق والضّغط الميكانيكيّ وبدون تسخين. معصرة لإنتاج زيت الزّيتون | Oksy001, Shutterstock

مُشْبَع وغير مُشْبَع

حتّى الآن ظهر مصطلحا "الدّهون" و"الزّيت" جنبًا إلى جنب، لكن ما الفرق بين الزّيت والدّهون؟ تُستخدم كلمة "الدّهون" لوصف الموادّ الموجودة في الكائنات الحيّة، ولوصف المنتجات الغذائيّة الّتي يمكن إنتاجها منها (مثل الزّبدة أو شحم الخنزير). معظم الموادّ الّتي نسمّيها دهنا تأتي من الحيوانات، وعادة ما تكون صلبة في درجة حرارة الغرفة. من ناحية أخرى، إنّ كلمة "زيت" لها معنى أضيق، وهي تستخدم في معظم الحالات لوصف السّوائل فقط. تكون معظم الزّيوت سائلة في درجة حرارة الغرفة، ويتمّ استخلاصها من النّباتات. وتنبع الاختلافات بين المفاهيم من اختلاف سلوكها الكيميائيّ، والّذي ينبع بدوره من اختلاف بنيتها المكانيّة.

تحتوي الدّهون والزّيوت على بنية مشتركة من الدّهون الثلاثيّة (ثلاثيّ الغليسريد)، وهي موادّ تتكوّن من ثلاثة أحماض دهنيّة مرتبطة بهيكل مكوّن من ثلاث ذرّات كربون. يتكوّن كلّ حمض دهنيّ من سلسلة طويلة من ذرّات الكربون المرتبطة ببعضها البعض. وتنقسم الأحماض الدّهنيّة عادة إلى دهون مُشْبَعَة ودهون غير مُشْبَعَة . لفهم ما يعنيه هذا التّقسيم، يجب أن نعرف القليل عن الرّوابط الكيميائيّة.

الرّابطة الكيميائيّة هي التّفاعل بين الشّحنات الكهربائيّة للذّرّات أو الجزيئات الّتي تشكّل مركّبات كيميائيّة. الرّابطة الكيميائيّة الأكثر شيوعًا في الطّبيعة هي الرّابطة التّساهميّة، حيث تلتقي ذرّتان وتتشاركان في إلكتروناتهما. إنّ مشاركة زوج من الإلكترونات يشكّل رابطة تساهميّة واحدة، في حين أنّ الرّابطة الّتي تتكوّن من مشاركة زوجين من الإلكترونات تسمّى رابطة مزدوجة. يحدّد نوع الرّوابط الموجودة في أيّ مادّة خصائصها الفريدة.

الدّهون المُشْبَعَة، إذًا، هي دهون ترتبط ذرّات الكربون فيها أيضًا بذرّات الهيدروجين - أي مُشْبَعَة بها - وبالتّالي لا يمكن لذرّات الكربون أن تشكّل روابط مزدوجة فيما بينها، بل روابط فرديّة فقط. من ناحية أخرى، تحتوي الدّهون غير المُشْبَعَة على رابطة مزدوجة واحدة على الأقلّ بين ذرّتين كربون متجاورتين. يسمّى الحمض الدّهنيّ الّذي يحتوي على رابطة مزدوجة واحدة "أحاديّة غير مُشْبَعَة"، في حين أنّ الرّوابط المزدوجة المتعدّدة تعطيه اسم "متعدّد غير مُشْبَع".

تعمل الرّوابط المزدوجة بشكل أساسيّ على تغيير البنية المكانيّة لسلسلة الأحماض الدّهنيّة، وخصائصها الكيميائيّة والفيزيائيّة. يكون الهيكل المكانيّ للحمض الدّهنيّ المشبع مستقيمًا ومفتوحًا، وبالتّالي يمكن للسّلسلة أن تُحزَم بكثافة وبطريقة منظّمة. وهذا الاستقرار أو الثّبات هو سبب بقاء الدّهون المشبعة صلبة في درجة حرارة الغرفة. وعلى العكس من ذلك، فإنّ الأحماض الدّهنيّة غير المشبعة لها بنية منحنية ذات زاوية، وكلّما زاد عدد الرّوابط المزدوجة، زاد انحناء السّلسلة. يتداخل هذا الانحناء مع التّعبئة المنظّمة والكثيفة للأحماض الدّهنيّة، لذلك تظلّ الدّهون غير المشبعة عادةً سائلة في درجة حرارة الغرفة.


يكون التّركيب المكانيّ للحمض الدّهنيّ المشبع مستقيمًا ومفتوحًا، بينما يكون للحمض الدّهنيّ غير المشبع هيكل منحنٍ ذو زاوية. التّركيب الجزيئيّ للأحماض الدّهنيّة المشبعة (يسار) وغير المشبعة |  Ali Damouh / Science Photo Library

الأكثر غير إشباعًا

يشبه زيت الزّيتون الزّيوت النّباتيّة الأخرى في كمّيّة الطّاقة (السّعرات الحراريّة) الّتي تحتوي عليها كلّ ملعقة كبيرة. ولفهم مدى اختلافه عنها، من الممكن الاستعانة بجدول المقارنة، وإلقاء نظرة على المكوّنات الغذائيّة لـ 100 جرام من الزّيت من كلّ نوع (مصدر البيانات هو موقع وزارة الزّراعة الأمريكيّة):

 

زيت الكانولا

زيت الصويا

زيت جوز الهند

زيت الزيتون

طاقة (كيلو-كالوري)

884

884

892

884

أحماض دهنية مُشبعة (جرام)

7.36

15.6

82.5

13.8

أحماض دهنية أحادية غير مُشبعة (جرام)

63.3

22.8

6.33

73

أحماض دهنية أحادية غير مُشبعة (جرام)

28.1

57.7

1.7

10.5

ومن بين الزّيوت الأربعة، يحتوي زيت الزّيتون على معظم الأحماض الدّهنيّة الأحاديّة غير المشبعة، والّتي تعتبر متفوّقة من النّاحية الغذائيّة على الأحماض الدّهنيّة المشبعة. علاوة على ذلك، إنّ زيت الزّيتون المستخرج بالضّغط البارد مقاوم بشكل خاصّ للأكسدة، التي قد يؤدّي إلى إتلاف الطّعم. ويمكن حفظ زيت الزّيتون هذا في الظّروف المناسبة لمدّة سنة ونصف، دون أن تفسد خصائصه أو نكهاته. وهذا هو أحد الأسباب الّتي تجعل زيت الزّيتون الخام شائعًا في العديد من الاستخدامات في المطبخ، مثل إضافته إلى السّلطات، تحضير الصّلصات، التّغميسات والمزيد.


من المهمّ مراعاة السّلامة حول الزّيت المغلي والنّار المكشوفة | Nailya Yakubova, Shutterstock

القلي في زيت الزّيتون

القلي هو طريقة طهي يبقى فيها الطّعام في حمّام من الزّيت أو الدّهن السّاخن في درجة حرارة حوالي 180 درجة. يتمّ غمر الطّعام كلّيًّا أو جزئيًّا في الزّيت، حتّى يكتسب لونًا بنّيًّا ذهبيًّا وطبقة خارجية مقرمشة ويكون هشًّا من الدّاخل. أثناء القلي، يحدث "صراع" بين الزّيت السّاخن والماء، فمعظم الموادّ الخام الموجودة في المطبخ تحتوي على كمّيّة كبيرة من الماء، وهذه تتبخّر عند درجات حرارة عالية وتترك المساحة السّطحيّة للطّعام. وتحلّ محلّها الدّهون الّتي تغلّف الطّعام، ممّا يؤدّي إلى إبطاء معدّل فقدان الماء وإثراء الطّعم. كما أنّ البروتينات الموجودة في الطّعام تغيّر شكلها ولونها، ممّا ينتج ما يشبه القشرة الذّهبيّة الّتي تميّز الأطعمة المقليّة.

إنّ الأدبيّات البحثيّة مليئة بالمعلومات حول العمليّات الّتي تحدث عند تسخين الزّيوت ذات الأصل النّباتيّ، وأهمّها عمليّات الأكسدة غير المرغوب فيها، والّتي تتسارع مع ارتفاع درجة الحرارة. أثناء الأكسدة، تتشكّل موادّ قد تضرّ بصحّتنا، مثل الجذور الحرّة. تتأكسد الزّيوت النّباتيّة بمرور الوقت، وعندما تتعرّض للهواء أو الضّوء. تؤثّر أيضًا درجة إشباع الأحماض الدّهنيّة الّتي يتكوّن منها الزّيت على العمليّة، فالزّيوت المتعدّدة غير المشبعة تتأكسد بسهولة أكبر من الزّيوت المشبعة، وبما أنّ زيت الزّيتون يحتوي على كمّيّة كبيرة من الأحماض الدّهنيّة الأحاديّة غير المشبعة، فإنّه يتأكسد بسهولة أقلّ من الزّيوت المتعدّدة غير المشبعة.

جرت العادة على تقسيم زيوت الزّيتون وفقًا لدرجة حامضيّتها، والّتي تقاس بنسب حمض الأوليك (Oleic Acid) الحرّ. ويعتبر زيت الزّيتون "بكر قطفة أولى" عندما يتمّ إنتاجه بالضّغط البارد ولا تتجاوز نسبة حموضته 0.8 بالمائة؛ ويعتبر "بكر ممتاز" عندما يتمّ إنتاجه بالضّغط البارد ولا تتجاوز نسبة حموضته 2 بالمائة؛ ويعتبر "بكر عاديّ"  عندما يتمّ إنتاجه بالضّغط البارد وتصل نسبة حموضته إلى 3.3 بالمائة.

تحتوي زيوت الزّيتون "البكر الممتاز" و"البكر قطفة أولى" على مضادّات الأكسدة الّتي تساعد على إبطاء عمليّات الأكسدة أثناء تسخين الزّيت. علاوة على ذلك، أظهرت العديد من الدّراسات أنّ زيت الزّيتون ينتج منتجات أكسدة أقلّ من الزّيوت المتعدّدة غير المشبعة عند تسخينه. وجدت دراسة عام 2014 أنّ زيت الزّيتون أكثر ثباتًا من زيوت الطّهي الشّائعة الأخرى عند درجات حرارة تتراوح بين 160-190 درجة، وتدعمه عدد من الأبحاث الأخرى. وقد فحصت هذه الدّراسات كلًّا من زيت الزّيتون البكر الممتاز وزيت الزّيتون العاديّ، وأظهر كلاهما مقاومة لدرجات الحرارة المرتفعة.

ومن خلال هذه الدّراسات العديدة، يبدو أنّ زيت الزّيتون يستحقّ تمامًا استخدامه في القلي. وطالما أنّ درجة حرارة القلي لا تتجاوز درجة حرارة تدخين الزّيت وكان زمن القلي قصيرًا نسبيًّا، فمن المتوقّع حدوث عمليّات الأكسدة بكمّيّة محدودة.

نصائح للقلي

  1. أوّلاً وقبل كلّ شيء، احرصوا على قواعد السّلامة والأمان في محيط الزّيت المغليّ! ومن المهمّ استخدام أدوات ثابتة ومتينة، تجنّبوا ملامسة الزّيت المغليّ بشكل مباشر، وعدم ترك المقلاة دون مراقبة.

  2. راقبوا درجة الحرارة: يُنصح بالتّأكّد من وصول الزّيت إلى درجة الحرارة المناسبة، والحفاظ عليه طوال عملية الطّهي. إذا كان بحوزتكم مقياس حرارة مناسب،  فهذا هو الوقت المناسب لاستخدامه. الزّيت السّاخن جدًّا سيسبّب زيادة في اللّون البنّيّ، بينما الزّيت غير السّاخن بدرجة كافية سيعطي الطّعام ملمسًا طريًّا (كالعصيدة).

  3. يُنصح بالقلي في وجبات صغيرة لتجنّب التّقلّبات في درجة حرارة القلي.

  4. لكي يكون معدّل القلي موحّدًا، قوموا بتقطيع الطّعام إلى قطع ذات حجم وشكل موحّد.

  5. يوصى بإزالة الفائض من الزّيت من الطّعام المقليّ.

  6. يوصى بتتبيل الطّعام مباشرة بعد القلي: سرعة امتصاص البهارات تزداد مع زيادة درجة الحرارة، وعند الحرارة المرتفعة ستشعر بقوّة التّتبيل بشكل أكبر.

  7. يوصى بتناول الأطعمة المقليّة وهي ساخنة، للاستمتاع بشكلها الخارجيّ المقرمش وداخلها الطّريّ الرّطب. كلّما طال الانتظار، تنتقل الرّطوبة إلى القشرة الخارجيّة وتقل درجة القرمشة.

الآن، كلّ ما تبقى هو دخول المطبخ، وصنع الفطائر والتهامها بالصّحّة والعافية. عطلة سعيدة!

0 تعليقات