تَرقى سلطات كثيرة بصلصة الخلّ (الفينيجريت) الّتي تستطيع جسر الهُوّة بين الخلّ وبين الزّيت والتّوفيق بينهما، وذلك بواسطة العلم
ما أسهل تحضير صلصة الخلّ: نخلط الزّيت والخّل والتّوابل؛ نحرّك جيّدًا قبل المزيج. لماذا يجب هزّ جميع مُكوّنات الصّلصة؟ هل يؤثّر ذلك على مذاقها؟ وما الّذي يجعل المكوّنات تندمج مع بعضها البعض؟ سنجيب على هذه الأسئلة في هذه المقالة، ولكن اسمحوا لي أن أقدّم لكم أوّلًا وصفة صديقتي
"تسيلا" الّتي تحضّر سلطة الخسّ مع صلصة الخلّ الرّائعة.
ماذا نحتاج؟
-
50 ملل من زيت الزّيتون
-
50 ملل من زيتٍ آخر (كانولا، ذرة)
-
50 ملل من الخلّ
-
50 ملل من عصير البرتقال
-
2 - 3 ملاعق من الخردل
-
½2 ملاعق صغيرة من السّكّر
-
¼1 ملعقة صغيرة من الملح
-
2 فصوص مفرومة من الثّوم
ماذا نفعل؟
نخلط المكوّنات جيّدًا في إناء مناسب، والصّلصة جاهزة.
يمكن تغيير:
-
كمّيّة الخردل. النّسبة المفضَّلة هي ملعقة صغيرة من الخردل مقابل كلّ كأس من الصّلصة.
-
كمّيّة الثّوم. النّسبة المفضَّلة هي ¼ ملعقة صغيرة من الثّوم مقابل كلّ ¼ كأس من الصّلصة.
-
النّسبة بين الزّيت وبين الخلّ. النّسبة المفضّلة هي 2 إلى 3 أجزاء من الزّيت مقابل جزء واحد من الخلّ.
طبقة من الزّيت طافية فوق الماء (عن اليمين)، والمستحلب الّذي ينتج بعد إضافة الخردل وهزّ الخليط بشدّة | الصّور: دفنا مندلر
التّفسير العلميّ
يُعَرّف الفينيجريت (مصدر الكلمة هو vinaigre من الفرنسيّة ومعناها خلّ) بأنّه صلصة تستخدم للسّلطة بشكل خاصّ، وهو عبارة عن مستحلب من الزّيت والخلّ والتّوابل. "تلتصق" الصّلصة جيّدًا بأوراق الخسّ والخضراوات الأخرى فتُكسب السّلطة مذاقًا طازجًا منعشًا.
الفينيجريت من النّاحية العمليّة هو مستحلَب (emulsion) من الماء والزّيت. ما المقصود بالمستحلَب؟ المكوّنات الأساسيّة لهذه الصّلصة هي الخلّ والزّيت. يتكوّن الخلّ من الماء الّذي يشكّل 95 بالمئة والباقي هو حمض الخلّ. يختلط حمض الخلّ بالماء اختلاطًا متجانسًا، تسمّى الموادّ الّتي تُكَوّن مخلوطًا متجانسًا مع الماء بالموادّ "المحبّة للماء" (الهيدروفيلية). أمّا الزّيت فهو مادّة هيدروفوبية أي "كارهة للماء" (المعنى الحرفيّ هو: تخوُّف من الماء)؛ لا تُكَوّن الموادّ الكارهة للماء خليطًا متجانسًا مع الماء. القاعدة المتَّبعة في عمليَّات الاختلاط بين الموادّ هي أنّ "المثل بالمثل" أي أنَّ الموادّ "المحبّة للماء" تختلط اختلاطًا متجانسًا بموادّ أخرى "محبّة للماء" ، بينما تختلط الموادّ "الكارهة للماء" اختلاطًا متجانسًا بمواد "كارهة للماء"، ولا تختلط اختلاطًا متجانسًا بمواد "محبّة للماء". إذا خلطنا مادّةً "محبّة للماء" مع مادّة "كارهة للماء" تنتج طبقتان منفصلتان.
ما هو دور الخردل في الصَّلصة؟
عندما نضع الزّيت والماء في إناء نحصل على طبقتين منفصلتين تمامًا. إذا حرَّكنا الخليط بشدَّة ينتج مستحلبٌ في البداية، أي قطرات صغيرة من الزّيت مُعلّقة في الماء، ويبدو خليطًا عكِرًا؛ لكن لا يثبت المستحلب على حاله وسرعان ما يعود الزّيت لينفصل عن الماء وتنتج طبقتان من جديد.
نستطيع إضافة مادّة مُسْتَحلِبة (كعامل استحلاب) تعيق انفصال الطّبقات وتعمل على تثبيت المُستَحلَب. الموادّ الّتي تعمل كعوامل مُستَحلِبة هي عبارة عن مركَّبات لها رأسٌ "محبٌّ للماء" وذيلٌ "كارهٌ للماء". المٌستَحلِبات الرّائج استخدامها في المطابخ هي صفار البيض والخردل والعسل. الثّوم والخردل هي مصدر المواد المُستَحلِبة في صلصة الخلّ (الفينيجريت). المركَّب الرّئيسيّ فيها هو مادّة البكتين الموجودة في بذور الخردل.
لماذا لا نضيف كلّ واحد من مُكوّنات الصّلصة إلى السّلطة ثم نقوم بخلط السّلطة؟
الأوراق الخضراء الموجودة في السّلطة، والأوراق عامّةً، مكسوةٌ بكساءٍ دقيق من المواد "الكارهة للماء" الّتي تقيها من المطر والنَّدى. يمكن أن يخترق الزَّيت هذا الكساء ويدخل إلى الفراغات الموجودة بين خلايا الأوراق في السّلطة فتضرَّر الأوراق. إذا أضفنا الخلّ والزّيت إلى السّلطة كلًّا على حِدة يُكوّن الخلّ ما يشبه القطرات الصّغيرة على الأوراق المغطّاة بالزّيت؛ عند خلط السّلطة خلطًا خفيفًا تنفصل قطرات الخلّ وتنزل إلى أسفل الإناء. سرعان ما نرى أنّ الأوراق الّتي في السّلطة قد ذبُلت نتيجة الضّرر الّذي ألحقه الزّيت بها. أمّا إذا أضفنا الخردل إلى خليط الخلّ والزّيت يتكوّن مستحلب الفينيجريت. يلتصق الزّيت والماء الموجودان في المستحلب بالأوراق التصاقًا جيّدًا وتحافظ الأوراق على نضارتها وهشاشتها لفترة طويلة من الزّمن.
أمّا بالنّسبة لعمليّة الخلط فإنّ خلط المكوِّنات بواسط الخلّاط الكهربائيّ يعطي المستحلب الأكثر ثباتًا. وبما أنّنا بحاجةٍ إلى أن تحافظ الصّلصة على ملمسها حتّى تناول السّلطة وليس أكثر، فيمكن الاكتفاء بهزّ مرطبان يحتوي على مُكوّنات الصّلصة للحصول على الملمس المراد.
وأخيرًا فإنّ النّسبة الأفضل بين الزّيت وبين المُكوِّنات المائيّة (مثل الخلّ) في صلصة الفينيجريت هي 2 حتّى 3 أجزاء من الزّيت مقابل جزء واحد من المُكوّنات المائيّة. تحتوي الصّلصة المعطاة وصْفَتُها أعلاه على كمّيّة كبيرة نسبيًّا من الخردل لأنّ النّسبة فيها هي 1:1.
لم يبق غير ملْء صحن بالخسّ وسائر الخضراوات وخشخشة صلصة الفينيجريت جيّدًا و …. بالصّحّة والعافية.