التوقيت الصحيح، الفرق بين الخلايا المنوية والتأثير البيئي. ابتداءً من الطرق التقليديّة القديمة حتى الطرق العلميّة الحديثة: كيف وإلى أيّ مدى يمكننا أن نختار مسبقًا جنس المولود؟
منذ الأزل وحتّى الآن، هُناك من يتمنّى اختيار جنس الطفل قبل ولادته. إلى جانب بعض الثقافات والفترات الّتي امتازت بضغوطات اجتماعيّة شديدة، اقتصاديّة ودينيّة، دفعت إلى تفضيل الأبناء الذكور الأبكار على الإناث، وما زالت مسألة الرغبة الشخصية للأب والأم قائمة، تلعب دورًا مركزيًّا لدى العائلات.
بناءً على ذلك، وعلى مدار التاريخ، يمكننا أن نجد الكثير من القصص والروايات والوصفات التقليدية التي تنتقل من جيل إلى جيل، عن طرق ووسائل تأكّد إمكانيّة اختيار جنس المولود، ذكرًا كان أو أنثى. معظم هذه الطرق لا أساس لها من الصحّة، حتّى عند معاينتها الأوليّة. أمّا وسائل أُخرى والتي تعتمد على أسس علميّة وتمّ رفض الكثير منها علميًّا، فقد تبنّتها العديد من الثّقافات وما زالت منتشرة فيهاا. على سبيل المثال، في بعض الدول الآسيويّة، ما زالت ثقافة تفضيل الأبناء الذكور قائمة ومتجذّرة في المجتمع، لدرجة أنّه من الممكن أن تجد إعلانات تقدّم خدمات استشاريّة لطريقة الحمل بجنين ذكر.
دائمًا ومنذ الأزل، كان هناك من يطمح باختيار جنس الجنين الذي سيولد له. صورة طبقية للجنين | Shutterstock, Peakstock
يبيولوجية التجنيس
لمعرفة حقيقة إذا ما كان من الممكن التأثير على بيولوجية التجنيس عند الجنين وقت الإخصاب، علينا أن نفهم العمليّة التي من خلالها يتمّ اختيار جنس المولود والبحث في مراحلها، من أجل معرفة إن كان هناك طريقة ما التي يمكن بها التأثير على اختيار الجنس.
يجب أن نعرف أوّلًا أنّه في خلايا جسم الإنسان هناك 23 زوجًا من الكروموسومات، تظهر فيها التركيبة الوراثية الخاصّة بنا- كتاب شامل للتعليمات التي تحدّد صفاتنا وخصائصنا الفطريّة. يحمل كلّ زوج منها نسخة واحدة من الكروموسوم التي حصلنا عليه من الأب ونسخة أخرى من الأم. مثال على ذلك، لدينا نسختان من الكروموسوم رقم 3، مصدر الأوّل من الأم والآخر من الأب. هنالك تشابه كبير جدًّا في كل زوج من 22 الأزواج الموجودة. لكن هناك زوج واحد من الكروموسومات يقع فيها اختلاف كبير جدًّا بين الزوجين: وهو كروموسوم الجنس، الذي يُحدد نوع الجنين. يُدعى الأوّل كروموسوم X، الذي نحصل عليه من الأم والأب، والثاني هو كروموسوم Y، الذي نحصل عليه فقط من الأب.
خلايا الجنس عند البشر- البويضات والخلايا المنوية- هنّ الخلايا الوحيدة في جسم الإنسان التي تحتوي على نصف التركيبة الوراثيّة، بمعنى أنّ 23 كروموسومًا بدون زوج، وعند عمليّة الإخصاب يتمّ الحصول على تركيبة وراثيّة كاملة عندما تندمج الخلية المنويّة مع البويضة. إلّا في حالات نادرة، إذا كانت الخليّة المنويّة للأب تحمل بداخلها كروموسوم X، سينضم لكروموسوم الـ- X عند بويضة الأم و يتطوّر الجنين إلى جنس أنثى، وفي خلاياها كروموسومان من الـ- X. إذا كان كروموسوم الجنس في الحيوان المنويّ هو Y، سينضمّ هذا الكروموسوم إلى كروموسوم الـ- X عند البويضة وينتج عن ذلك جنين ذكر، ويحمل خلايا XY. مع أنهم ظنّوا في الماضي أمرًا مختلفًا، معروف لدينا اليوم أنّ عدد الخلايا المنويّة التي تحمل كروموسوم Y والتي تحمل كروموسوم X متساوية، لذا جميع الاحتمالات بعد عملية التجنيس متشابهة.
إذا كان الحيوان المنويّ عند الأب يحتوي على كروموسوم X، سيكون جنس المولود مؤنثًا، وإن كان كروموسوم الجنس في الحيوان المنوي Y، يكون الجنين ذكرًا. رسم توضيحي للكروموسومات عند الذكر والأنثى | Shutterstock, Ody_Stocker
الحيوانات المنويّة الذكريّة والأنثويّة
اكتشف لندروم شيتليس في سنة 1970، وهو من كبار وروّاد عملية الإخصاب الخارجيّ، أنّ الخليّة المنويّة التي تحتوي على كروموسوم X أثقل من الخلية المنويّة التي تحتوي على كروموسوم Y. كما لاحظ أنّ الخلايا المنويّة الذكريّة أصغر وضيّقة أكثر من الخلايا المنويّة الأنثويّة، ولها بالإضافة إلى ذلك رأسٌ دائريّ. عندما قام شيتليس بفحص ديناميكيّة حركة الخلايا المنويّة في بيئاتٍ متنوّعة، استنتج أنّ الخلايا المنويّة التي تحمل مركّبات جينيّة ذكريّة أسرع، لكنّها محصّنة بشكل أقلّ من الخلايا التي فيها كروموسوم X.
من هُنا، استنتج شتيليس أنّ الخلايا الذكريّة تجد صعوبةً أكبر في عمليّة الصمود داخل البيئة الحمضيّة في الجهاز التناسليّ الأنثويّ وقد تتعرّض للموت أوّلًا بسبب ذلك. أقنعه هذا الاستنتاج أنّ توقيت العلاقة الجنسيّة نسبة لتوقيت موعد الإباضة له تأثير مهمّ في عملية تجنيس المولود، إضافةً لنسبة حمضيّة وقلويّة- قاعديّة المهبل عند المرأة.
علينا الوقوف على عدّة أمور مهمّة. إحداها أنّ الخلايا المنويّة تستطيع أن تبقى حيّة في جسم المرأة حتّى خمسة أيّام، حتّى لو لم تتمّ عمليّة الإخصاب. لذلك، إذا أقامت امرأة علاقة جنسيّة قبل فترة الإباضة- أي في المرحلة التي فيها تخرج البويضة من المبيض إلى قناة فالوب وتنتظر مدّة يومين لعمليّة الإخصاب، سيكون هنالك وقت كافٍ للخلايا المنويّة لإخصاب البويضة إذا تمّت عمليّة الإباضة. إذا كانت الخلايا المنويّة ذات الصفات الوراثيّة الأنثويّة تصمد وتعيش لفترة زمنيّة أكبر، وتمّت العلاقة الجنسيّة قبل فترة الإباضة بأيّام، سيؤدّي هذا التزامن بنسبة عاليةٍ جدًّا لولادة طفلة.
توصّل لاستنتاج أنّ الخلايا المنوية التي تحمل صفات وراثيّة ذكريّة تكون أسرع، لكن أقلّ متانةمن التي فيها كروموسوم X. لندروم شيتليس | ويكيبيديا، L B Shettles Callahan
لكن هل بالفعل الخلايا المنويّة X و Y مختلفة عن بعضها البعض؟ لقد أُعدّت أبحاث أخرى بسبب النتائج البحثيّة التي توصّل إليها شيتليس، إذ بيّنت أنّه بالرغم من وجود اختلاف في المبنى من ناحية طول الرأس ومحيطه في النوعين من الخلايا المنويّة، إلّا أنّ هذا الاختلاف صغير جدًّا، الذي يصل إلى 6 بالمائة فقط، وحجم هذه الخلايا يختلف من شخص إلى آخر. أبحاث علميّة جديدة، التي استعانت بتقنيّات تكنولوجية متقدّمة، أقرّت أنّه حتّى هذا الاختلاف الصغير غير موجود بالفعل، وأنّ الاختلافات التي كانت في السابق حدثت بسبب قيود في الوسائل التكنولوجية التي توفّرت آنذاك للباحثين.
يُتبع اليوم الطريقة الدقيقة جدًّا للفصل بين الخلايا المنويّة وهي عن طريق حجم المواد الوراثيّة التي تحملها، وليس عن طريق حجم الخلية كلّها. الخلايا المنويّة عند البشر التي فيها كروموسوم X تحمل صفات وراثيّة أكبر بثلاث بالمائة من الخلايا المنويّة التي فيها كروموسوم Y. هناك طرق جديدة مبتكرة، وقد أُختبرت فقط حتّى الآن على حيوانات المختبر، تحاول أن تميّز بين نوعيّ الخلايا المنويّة عن طريق الاختلاف بمقدار الشحن الكهربائيّة لديها أو عن طريق التلاعب الجينيّ.
أشارت الأبحاث إلى وجود اختلاف فيزيولوجيّ بين الخلايا المنويّة الذكريّة والأنثويّة، من خلال المقاومة في ظروف الضغط، كارتفاع درجات الحرارة أو نسبة حموضة عالية، وعن طريق قدرة السباحة. لكن صفات هذا الاختلاف ليست واضحة جدًا وتمّ رصدها فقط في المختبر وخارج جسم الإنسان، أو في نطاق تدخّلات جينيّة مبتكرة. قدرة جسم الإنسان رائعة للحفاظ على التوازن (هوموستازيس ) الداخليّ لديه، لذلك لا يتجلّى هذا الاختلاف في الظروف الطبيعية الموجودة داخل الجسم، وليس بعدد الأجنّة الفعلية لنوع معيّن. مع ذلك، يحاول الباحثون أن يستغلّوا هذا الاختلاف الحاصل في الظروف المخبريّة لتطوير طرق أخرى لاختيار خلايا الحيوانات المنويّة قبل عملية الإخصاب الخارجيّ.
وأخيرًا، لجسم المرأة وظيفة مهمّة لاختيار أي خلية منويّة تُخصب البويضة.إذ يتواجد داخل عنق الرحم، الرحم وقناة فالوب آليّات التي تختار فقط الخلايا المنويّة الفعّالة. بالإضافة إلى ذلك، في الأعضاء التناسليّة عند كلّ امرأة هُناك ظروف وعوامل فيزيولوجية خاصّة بها، كمستوى الحمضيّة ونسبتها، تكوين المواد التي تفرز بها وجودة البويضات، وهي تتأثّر من الجينات التي ورثتها ومن نمط حياتها. بناءً على ذلك، حتّى وإن اتّبع زوج معيّن كلّ توصيات طريقة شيتليس لكي ينجبوا بنتًا، من المستحيل أن يتنبّأوا كيف ستكون ردّة فعل خليّة منويّة محدّدة في بيئة محدّدة بكلّ لحظة، كيف يختار جسم المرأة الخلايا المنويّة، وأيّ خليّة ستنجح في نهاية الأمر من إخصاب البويضة.
هل حقًا الخلايا المنويّة X و Y مختلفة عن بعضها البعض؟ رسم توضيحيّ لخلايا الحيوانات المنويّة | Shutterstock, 3dmotus
طريقة شيتليس
حسب نظرية شيتليس، عندما تكون هنالك علاقة جنسيّة بين زوجين قبل موعد الإباضة، معظم الخلايا المنويّة التي ستصمد حتّى موعد الإباضة هي الخلايا المنويّة الأنثويّة- أي مع كروموسوم X ، لذلك في هذه الحالة نسبة الاحتمال لجنين أنثى تكون أعلى. بينما، حدوث علاقة جنسيّة قريبة جدًّا من موعد الإباضة ستساعد الخلايا المنويّة الذكريّة السريعة للوصول للبويضة بشكل أسرع أكثر.
يدّعي شيتليس أنّ للخلايا المنويّة الذكريّة ميّزة وأفضليّة على باقي الخلايا المنويّة إذا وصلت قريبًا من فتحة عنق الرحم، بعيدًا عن البيئيّة الحمضيّة للمهبل. وبناءً على ذلك، يوصي شيتليس الأزواج المعنيّين بمولود ذكر الايلاج العميق في العملية الجنسيّة، والمعنيين بمولودة أنثى الاكتفاء بعمليّة إيلاج سطحيّة. وأضاف أيضًا، من أجل الحصول على مولود ذكر من المفضّل أن تصل المرأة للنشوة الجنسيّة قبل زوجها، لأنّ المرأة تفرز في رحمها في حالة الأورجازم مواد قاعديّة (قلوية) التي تساعد الخلايا المنويّة البقاء على قيد الحياة في البيئة الحمضيّة للمهبل. بينما للحصول على مولودة أنثى، يدّعي شيتليس أنّ على المرأة التنازل مؤقّتًا عن الأورجازم.
إضافةً إلى ذلك، طوّر شيتليس طريقة الدوشينج (غسيل: Douching)، المكوّنة من غسيل المهبل بصودا مائيّة قبل العلاقة الجنسيّة للحصول على مولود ذكر، أو مع حامض من أجل الحصول على مولودة أنثى. هدف هذه الطريقة هو زيادة النسبة القاعديّة- القلويّة أو الحمضيّة للمهبل، وتهيئة جو مريح قدر الإمكان للخلايا المنويّة الذكريّة أو الأنثويّة. من المهمّ القول أنّ هذا الأسلوب من الممكن أن يؤدّي إلى التهابات بكتيريّة أو فطريّة، مضاعفات حمل والتهابات في الحوض، ويوصي الأطباء بعدم استعمال هذه الطريقة.
طريقة شيتليس بامتحان الواقع
في الواقع، في فترة الإباضة عند النساء تتحول الإفرازات في منطقة عنق الرحم لتكون لَزِجة وأقلّ حمضيّة، هذه الوضع يسهّل دخول الخلايا المنويّة من كلا النوعين إلى جهاز المرأة التكاثريّ. مع ذلك، بسبب عدم وجود دليل على تفضيل خلايا منويّة معيّنة خارج أنابيب الاختبار، لا يوجد أي تأثير لهذه العمليّة على جنس الجنين. بخصوص الأورجازم عند المرأة، لا نعرف بشكل واضح ما هو مصدرها وفحواها، والنظريّات بخصوصها كثيرة ومتنوّعة. أغلب النتائج العلميّة الموجودة حتّى اليوم لا تدعم الادّعاء على أنّها تساعد في عمليّة الإخصاب، لكن هنالك مكان لأبحاث أخرى في هذا المجال.
لاقت طريقة شيتليس شهرة في أماكن عديدة، واندمجت مع وصفات فولكلوريّة ليست قليلة مثل "كيفية تحديد الذكر والأنثى". نشر شيتليس طريقته في كتاب عام 1970، وبيّن فيه أنّ الطريقة التي يوصي بها تحظى على نسبة نجاح تبلغ %75. أشارت أبحاث أخرى أجريت بعدها إلى نتائج مختلفة: أكّد قسم منها نتائج شيتليس، بينما قسم آخر اقترح طرق شبيهة اعتمدت على التوقيت الدقيق لفترة الإباضة، وأشارت أبحاث أخرى على وجود نتائج متناقضة.
فحصت مقالات المراجعة التي عاينت النتائج التي توفرّت في أبحاث عديدة، لم تجد دليل علميّ على العلاقة بين اقتران موعد العلاقة الجنسيّة وموعد الإباضة مع مولود جنسه ذكر. على العكس تمامًا، أظهرت الأبحاث العلميّة أنّ أغلب المواليد الذكور خُلقوا عندما حدثت العلاقة الجنسيّة قبل فترة الإباضة من ثلاثة إلى أربعة أيّام أو ثلاثة أيّام بعدها. تدحض هذه النتيجة ادّعاء شيتليس على أنّه من أجل الحصول على مولود جنسه ذكر من المفضّل إقامة العلاقة الجنسيّة مقترنة قدر الإمكان بفترة الإباضة عند المرأة. وكذلك عدم صحّة الادّعاء على أنّ وضعيّات معيّنة توفّر فرصًا أكثر لجنس معين على الآخر.
لم تجد مقالات المراجعة علاقة بين اقتران قيام العلاقة الجنسية لعملية الاباضة والحصول على مولود جنسه ذكر. رسم توضيحي لإخصاب بويضة | Mark Garlick, Science Photo Library
إخصاب اصطناعيّ
إنّ الطريقة الوحيدة اليوم المثبتة علميًّا، والتي تأكّد اختيار جنس المولود هي عن طريق عملية الإخصاب خارج الجسم، وتتمّ هذه الطريقة في إطار التشخيص الجينيّ قبل عمليّة الزرع عن طريق اختيار جنين ذي شحنة جينيّة ذكريّة أو أنثويّة قبل إعادته إلى رحم المرأة. تعتبر عمليّة الإخصاب الخارجيّ تقنيّة اجتياحيّة طبيّة، مكلفة وليست سهلة، وخلال هذه العمليّة تُحقن المرأة بكمّيّة كبيرة من الهورمونات بالإضافة إلى عمليّتين اجتياحيّتين تحت التخدير. هناك القليل من العيادات الطبّيّة حول العالم التي تسمح بإجراء هذه العمليّة الطبّيّة من غير سبب طبّيّ ضروريّ، ناهيك عن سبب تفضيل الذكر أو الأنثى.
هناك إمكانيّة طبّيّة أخرى، وهي اختيار الخلايا المنويّة مع الشحنة الجينيّة المرغوبة- كروموسوم X أو Y- ومن ثمّ تلقيح الأنثى. تُستعمل هذه الطريقة عمليًّا لتلقيح حيوانات المزرعة. هنالك الكثير من الناس الذين يخلطون بين القدرة على التنبّؤ بتوقيت عمليّة الإباضة وبين القدرة على تغيير جنس الجنين، لكن عمومًا لا يوجد إثبات علميّ واضح للعلاقة بينهما. تعتبر الطريقة الطبّيّة للتنبّؤ بتوقيت الإباضة عند المرأة عن طريق متابعة البصيلات عندها،من خلال وحدات بيولوجيّة المكوّنة من خلايا تدعم وتغذّي البويضة عندما تكون بحالة نضج قبل الإباضة. تتبّع يوميّ لتطوّر هذه البصيلات، عن طريق جهاز الموجات الفوق صوتيّة- أولتراساوند، يستطيع أن يحدّد بدقّة عالية متى ستحدث عمليّة الإباضة. ومع ذلك، كما أسلفنا سابقًا، إنّ ما يحدّد جنس الجنين هي الشحنة الجينيّة في خلايا الحيوانات المنويّة - والتي من غير الممكن أن نسيطر عليها في هذه الطريقة.
الطريقة الوحيدة المثبتة اليوم لتحديد جنس الجنين هي عن طريق عملية إخصاب خارجيّ. صورة عن عمليّة الإخصاب داخل المختبر| Science Photo Library
أزمة الذكور
بشكل عامّ، عدد الخلايا المنويّة الذكريّة والأنثويّة تكاد تكون متساوية، لكن هنالك بعض العوامل الجينيّة والبيئيّة التي يمكن أن تخلّ بهذا التوازن. نسبة غير متساوية بين الخلايا المنويّة مع كروموسوم X أو كروموسوم Y يمكن أن يَنتج بسبب إصابة في الخصية، تعرّضها لدرجة حرارة عالية، ضغط ميكانيكيّ عليها، أزمة نفسيّة للأب أو تعرّضه لمواد كيميائيّة معيّنة في بيئة البيت أو العمل. أثبتت أغلب الأبحاث العلميّة أنّ الآباء المتواجدين في بيئة غنيّة بعوامل نفسيّة ضاغطة قد يلدوا إناثًا.
عند فحص النسبة بين عدد الأطفال المولودين من الجنسين نجد أنّ هذا التوازن يختلّ. إذ يتغيّر حسب اختلاف فصول السنة، لكنّه أيضًا يتأثّر من عوامل ضغط بيئيّة.
بشكل عامّ، عدد حالات الأجنّة الذكور يفوق عدد حالات الأجنّة الإناث في فترة الحمل، لكن حالات الموت عندهم أكبر في تلك الفترة. لذلك، على الرغم من النسبة المتساوية بين الخلايا المنويّة التي تحمل كروموسوم X والتي تحمل كروموسوم Y، في الظروف غير المثاليّة، متوقّع أن نجد مواليد من جنس ذكريّ أكثر من جنس أنثويّ. هنالك عوامل أخرى قد تؤثّر على النسبة بين مواليد الذكور والإناث وهي الضغط النفسيّ عند الأم في فترة الحمل، كمّيّة السعرات الحراريّة التي تحصل عليها المرأة في فترة الحمل، وأيضًا فترات ضغط بيئيّة مثل المجاعة أو الحرب. وكذلك أيضًا مستوى غذاء الأم وتخطّي وجبة الفطور الصباحيّة من الممكن أن تؤثّر أيضًا على النسبة بين الأجنّة الذكور والإناث.
هنالك بعض المواقع التي تعد بأن استهلاك أطعمة حمضيّة مثل العتب البريّ والرمّان من الممكن أن تزيد من فرص ولادة أنثى. لا توجد دلالة علمية على ذلك. رمّان وتوت بريّ | Shutterstock, Luis Rojas Estudio
طرق تقليديّة
ماذا بخصوص الطرق الشعبيّة التقليديّة؟ هل استطاعت هذه الطرق أن تثبت ذاتها على مدار السنين؟ أم هي عبارة عن أساطير شعبيّة تقليديّة بعيدة كلّ البعد عن الواقع؟
مجموعة كبيرة من مواقع الانترنت والكتب تؤكّد على وجود طرق "مثبتة" لتحديد جنس الجنين. عادةً ما نسمع فقط عن تلك التي تكلّلت بالنجاح، وذلك بعد حدوثها. بلا شكّ أنّ هناك تحيّز حادّ لقطف ثمار الكرز (Cherry picking)- حالة من الاختيار الانتقائيّ للحقائق التي تؤكّد افتراضًا مسبقًا وتتجاهل بشكل كلّيّ كلّ الادّعاءات المناقضة لها. لا يوجد أيّ آليّة معروفة التي من الممكن أن تفسّرها، كما يبدو لا يوجد تفسيرات لذلك لأنّها بعيدة كلّ البعد عن الواقع، حتّى الآن لم تجري أيّ أبحاث علميّة التي من الممكن أن تؤكّد أو تدحض هذه الادّعاءات التقليديّة.
يتمركز قسم من هذه الطرق التقليديّة بالطعام. هناك بعض المواقع التي تَعِد بأنّ الطعام الحمضي مثل العنب البرّيّ والرمّان، أو الغذاء الغنيّ بالمغنيسيوم والكالسيوم لكنّه يحتوي على نسبة مخفّضة من الأملاح والبوتاسيوم، من الممكن أن يزيد الفرصة للحصول على مولودة أنثى. توصي هذه الطرق التقليديّة المعنيين بمولود ذكر بغذاء غنيّ بالبوتاسيوم، الذي يحتوي على الكثير من الأملاح والكربوهيدرات. تعتمد هذه الادّعاءات على النظرية القائلة بأنّ التغيير بمستوى المعادن في الطعام يؤثّر على مستوى الحمضيّة (pH) بالجسم، كما يعطي ميّزة لخلايا منويّة على أخرى حسب طريقة شيتليس. عادةً ما تكون نسبة الحموضة في الجسم تكون ثابتة، لذلك الطعام لا يؤثّر في الحقيقة على نسبة الحمضيّة في الجسم، وبالأخصّ على نسبة الحمضيّة في جهاز التكاثر عند النساء.
هنالك طرق أخرى لا تدّعي أنها مبنيّة على أسس علميّة، على سبيل المثال، الطبّ التقليديّ الهنديّ، يوصي النساء المعنيّة بمولود ذكر أن تطحن فرعين من شجرة التين البنغاليّ (المتوجهين لجهة الشمال)، وخلطها مع عدس أسود وأكلها، وكذلك يوصون بصهر جسم من الذهب أو الفضة داخل فرن، ومن ثم تخفيفه بالحليب وشربه. يجب عليكم الانتباه إلى أنّ معدن الفضّة يعتبر معدنًا سامًا، ولا يوصى باستهلاكه.
هنالك أيضًا جدول متبّع عند الصينيين: وهو عبارة عن لوحة يوضع عليها أحد الأصابع مؤشرًا إلى شهر بداية الحمل عند المرأة، والأصبع الثاني يوضع على شهر ميلادها. مكان إلتقاء الأصابع من الممكن أن يتنبّأ إن كان الجنين ذكرًا أم أنثى. بلا شك أنّه لا يوجد أي إثبات علمي لهذه الطريقة.
هنالك عدّة أساطير وادّعاءات تشير إلى العلامات المبكرّة لجنس الجنين. من بينها:
-
إذا اشتهت امرأة حامل طعامًا مالحًا فهذا يعني أنّها حامل بجنين ذكر.
غير صحيح. تشير الأبحاث العلميّة أنّأغلب هذه الظواهر ترجع لثقافة غير متعلقّة بجنس الجنين. -
إذا كان نبض قلب الجنين أقلّ من- 140 نبضة في الدقيقة يشير إلى أنّ الجنين ذكر.
غير صحيح. لا يوجد فرق بنبض الجنين عند الذكر والأنثى. -
يشير الغثيان الصباحيّ إلى أن جنس الجنين أنثى.
غير صحيح.
بناءً على ذلك، الوعي بخصوص موضوع الخصوبة، والوسائل العلميّة والبيتيّة المتّبعة لتحديد الفترة الزمنيّة لخصوبة المرأة خلال الشهر، توفّر القدرة للوالدين أن يسيطروا بقدرٍ ما على قرار الحمل. لكن بخصوص الطرق الاجتياحيّة مثل عمليّة الاخصاب خارج الجسم، تبقى القوّة للسيطرة وتحديد جنس المولود بيد البيولوجيا. لهذا من المفضّل لنا أن نركّز تفكيرنا بتمنّيات القلب المهمّة- أن يكون المولود أو المولودة ووالداهم بصحّة جيّدة.