جميعنا نعرف ما هي المشاعر - فنحن نشعر بها طوال الوقت. لكن عندما نحاول أن نشرح ما هي المشاعر ولماذا هي ضروريّة، يتّضح لنا أنّ "ما خَفِيَ أعظم"!

تُعدّ القدرة على إدراك المشاعر جزءًا لا يتجزّأ من حياتنا، فهي تمثّل حالةً معقدةً من الشّعور تؤدّي إلى تغيّرات فسيولوجيّة ونفسيّة، بدورها تؤثّر على أفكارنا وسلوكنا. تسمح لنا المشاعر بربط ما يحدث في عالمنا الخارجيّ بالدّاخليّ، وتنظيم سلوكنا ضمن البيئة المحيطة. تثير المشاعر، أسبابها، وآثارها العديد من التّساؤلات لدى الباحثين والمفكّرين من مختلف المجالات، بما في ذلك الفلسفة، علم النفس، علم الأحياء وغيرها. وبناءً على ذلك، طُوّرت العديد من النّظريّات على مرّ السّنين في محاولة لتفسير هذا العنصر الجوهريّ من وجودنا.  

مَن السّابق ومَن اللّاحق؟ 

أحد أقدم التّفسيرات الّتي تناولت ماهية المشاعر هي نظريّة جيمس-لانج (James–Lange theory)، الّتي طَوّرها عالم النّفس ويليام جيمس (William James) والعالِم والطّبيب كارل لانج (Carl Lange) في عام 1880. وفقًا لهذه النّظريّة، تثير المحفّزات الخارجيّة استجابةً جسديّةً، الّتي قد تؤدي إلى كشف المشاعر الّتي نمرّ بها. يقلب هذا التّفسير افتراضنا البديهيّ حول ترتيب الأحداث رأسًا على عقب: فالتّجربة العاطفيّة لا تسبق الاستجابة الجسديّة ــ نحن نرتجف لأنّنا نشعر بالخوف، لكن وفقًا لهذه الفرضيّة، فإنّ الاستجابة الجسديّة تسبق التّجربة العاطفيّة ــ نحن نشعر بالخوف لأنّنا نرتجف.

على الرّغم من النّجاح الّذي حقّقته هذه النّظريّة، إلّا أنّها واجهت قدرًا كبيرًا من الانتقادات - أشار المعارضون للنّظريّة إلى غياب نتائج تجريبيّة، تظهر ارتباط الاستجابات الجسديّة بشكل خاصّ ببعض المشاعر. على سبيل المثال، يرتبط زيادة معدّل ضربات القلب بالشّعور بالغضب والخوف. 


نظرية جيمس-لانج: تثير المحفّزات الخارجيّة استجابة جسديّة، والّتي وفقًا لها تنشأ المشاعر التي نختبرها من تفسيرنا للاستجابةِ الجسديّة | تصميم: ليات بيلي

قدّم عالم وظائف الأعضاء الأمريكيّ والتر كانون (Walter Cannon) وتلميذه فيليب بارد (Philip Bard)  سببيْن يجعلان هذه النّظريّة، في رأيهما، غير دقيقة في تفسير الآليّة الكامنة وراء المشاعر. يشير السّبب الأوّل إلى أنّ الأشخاص قد يمرّون باستجابات فسيولوجيّة لمشاعر مختلفة دون أن يشعروا بها فعليًّا. على سبيل المثال، قد ينبض القلب بسرعة أثناء ممارسة النّشاط الرّياضيّ، دون أن نشعر بأيّ خوف. أما السّبب الثّاني، يشير إلى أنّ الاستجابة العاطفيّة تحدث أسرع بكثير من الاستجابة الفسيولوجيّة، أي أنّنا نشعر بالخوف حتّى قبل ظهور الأعراض مثل الرّجفة والتّعرّق. في عام 1927، طوّر كانون وبارد نظريّة بديلة سُمِّيَت باسمهما كما نعرفها اليوم - نظرية كانون-بارد (Cannon–Bard theory) - والّتي تفترض أنّ التّجارب الجسديّة والنّفسيّة للعواطف تحدث بالتّزامن بشكل مستقل عن بعضها.


نظريّة كانون-بارد: التّجارب الجسديّة والنّفسيّة للعواطف تحدث بالتّزامن بشكل مستقلّ عن بعضها | تصميم: ليات بيلي

أن تفكّر بما تشعر

في عام 1962، ظهرت نظريّة جديدة للشّعور، تُسمّى نظريّة العاملين (two-factor theory) المعروفة أيضًا باسم نظريّة شاشتر ـ سنجر(Schachter-Singer theory)، والّتي جمعت أفكار سابقتيها وطوّرتها. وفقًا لهذه النّظريّة، تظهر الاستجابة الفسيولوجيّة قبل الشّعور، كما أنّ نفس الاستجابة الفسيولوجيّة قد تميّز عدّة مشاعر مختلفة. ما يسمح للتّفسيرين بالتّوافق معًا هو مرحلة معالجة إضافيّة، وهي المرحلة الإدراكيّة، حيث يقوم الدّماغ بعمليّات معالجة للمعلومات وإضفاء معنى لاستجابتنا الجسديّة. في المرحلة الأولى، تثير بعض المحفّزات استجابة جسديّة. في المرحلة الثّانية، يكمن الابتكار الرّئيسيّ لهذه النّظريّة، تحدث عمليّة التّفكير، حيث يقيّم الدّماغ الموقف لتحديد المشاعر الملائِمة. على سبيل المثال، قد يؤدّي لقاء مفاجِئ مع كلب خطير أو أحد أفراد الأسرة إلى زيادة معدّل ضربات القلب في كلتا الحالتين، لكن فهم السّياق هو الّذي سيحدّد ما إذا كنّا سنشعر بالخوف أو الفرح.

استندت نظريّة العاملين إلى تجربة شهيرة تلقَّى فيها بعض المشاركين حقنة من الأدرينالين (Adrenaline) - وهو هرمون يسبّب التّيقّظ: زيادة معدّل ضربات القلب، التّنفّس السّريع، زيادة التّعرّق وردود فعل أخرى مماثلة - بينما تلقّى الباقون علاجًا وهميًّا (Placebo)، أي لا تأثير له. كذلك، لم يُبلّغ سوى بعض المشاركين فقط بالتّأثيرات المحتملة للحقنة. بعد تلقّي الحقنة، نُقل المشاركون إلى غرفة، حيث التقوا بشخص كان يتصرّف بطريقة تعبّر عن الفرح أو الغضب. أظهرت النّتائج أنّ المشاركين غير المطّلعين بتأثير الحقنة على مشاعرهم، كانوا أكثر عرضةً للتّأثر بسلوك الشّخص الّذي التقوا به في الغرفة، حيث أظهروا مشاعر مماثلة له. في المقابل، كان تأثير الشّخص أقلّ على المشاركين الّذين تلقّوا دواءً وهميًّا، أو الّذين كانوا على دراية بتأثير الحقنة.

استنتج الباحثون أنّ المشاعر لا تنتج فقط عن الاستجابات الجسديّة وحدها، بل أيضًا عن التّفسير الّذي نعطيه لها. وتؤكّد الدّراسة على أهمّيّة السّياق الاجتماعيّ والإدراكيّ في تشكيل التّجارب العاطفيّة. رغم أنّ هذه النّتيجة مثيرة للاهتمام ومهمّة، إلّا أنّها تبقى غامضةً نظرًا، لأنّ معظم الدّراسات الّتي حاولت إعادة إجراء التّجربة على مرّ السّنين واجهت صعوبة في الحصول على نفس النّتائج.


نظريّة شاشتر-سنجر: الاستجابة الفسيولوجيّة تظهر قبل الشّعور، كما أنّ نفس الاستجابة الفسيولوجيّة قد تميّز عدّة مشاعر مختلفة. هناك أيضًا مرحلة معالجة إضافيّة، وهي المرحلة الإدراكيّة | تصميم: ليات بيلي

نظام كامل ومرن

في نفس الفترة، طوّر عالما النّفس ماغدا أرنولد (Magda Arnold) وريتشارد لازاروس (Richard Lazarus) نهجًا إدراكيًّا أوسع نطاقًا، يتناول المشاعر كجزء من نظام كامل من الرّغبات والدّوافع التي تنظّم علاقة الشّخص ببيئته، وبالتّالي تختلف من شخص لآخر ومن مكان لآخر. مع تزايد الدّراسات والمقالات حول هذا الموضوع، تطوّر هذا النّهج وتوسّع تدريجيًّا، حتّى أصبح في سنوات الثّمانينيات مجالًا كاملًا من التّفسيرات المعروفة باسم نظريّات التّقييم (Appraisal theory).

تفترض هذه النّظريّات أنّ المشاعر هي عمليّات تكيفيّة، تعكس عمليّة كاملة من التّقييم المتكرّر للبيئة، الّتي تؤثّر على رفاهيّتنا. عندما نتعرّض لمحفّز ما، تنشط لدينا عمليّة تلقائيّة وسريعة لتقييم طبيعة المحفّزو معناه وأهمّيّته بالنّسبة لنا. تؤدّي هذه العمليّة إلى استجابة عاطفيّة وجسديّة في آن واحد، وبعدها فقط نحدّد الشّعور ونعزوه إلى السّبب الّذي أثاره.

على سبيل المثال، لنفترض أنّ شخصًا ما تجاوزنا في الشّارع بشكل مفاجِئ (محفّز)؛ سيقيّم دماغنا تلقائيًّا الموقف ويحدّد ما إذا كنّا في خطر. نتيجةً لذلك، تظهر لدينا استجابة فسيولوجيّة وعاطفيّة من الخوف، أو الغضب والإحباط. بعدها فقط، تتشكّل أفكارنا ونقيّم فيما إذا كنّا غاضبين أو خائفين، وأنّ ذلك بسبب القيادة غير المسؤولة للسّائق الآخر (الإسناد إلى السّبب).

قد نجري لاحقًا تقييمًا ثانويًّا ونكتشف أنّ الغضب السّريع الّذي شعرنا به تجاه السائق لم يكن نابعًا من أفعاله فحسب، بل أيضًا من تجاربنا السّابقة الّتي تضمّنت مشاعر العجز وفقدان السيطرة. قد تنشِئ فينا تجارب كهذه أنماطًا متكرّرة من التّقييمظت يستخدمها دماغنا كلّما واجهنا محفّزات مماثلة. مع ذلك، يختلف تقييمنا لأيّ حدث أو محفّز نواجهه تبعًا لأهدافنا واحتياجاتنا وقيمنا، الّتي قد تتغيّر أيضًا بمرور الوقت، بحيث يثير نفس المحفّز عدّة مشاعر مختلفة في مناسبات مختلفة.

ترى نظريّات التّقييم الحاليّة بأنّ المشاعر عبارة عن عمليّات ديناميكيّة، وليست حالات ثابتة. وفقًا لهذه النّظريّات، تتكوّن العمليّة العاطفيّة من مجموعة كاملة من المكوّنات، تشمل التّقييم المستمرّ لبيئتنا في إطار تعرّضنا لها وتفاعلنا معها؛ دوافعنا الّتي تعكس أهدافنا ومدى توافقها مع الموقف؛ الاستجابة الجسديّة؛ التّجربة الحسيّة؛ بالإضافة إلى مكوّنًا عاطفيًّا ذاتيًّا يولد من الملاحظة والتّفكير في التّغيير في المكوّنات الأُخرى. يُعتبر الشّعور عمليّة ديناميكيّة تتأثّر مكوّناتها ببعضها البعض، وهي عمليّة مستمرّة ومتكرّرة. على سبيل المثال، إذا حصلت على درجة منخفضة في أحد الاختبارات، فقد أشعر بالحزن، لكن عندما أكتشف لاحقًا أن درجتي أعلى من متوسّط الصّفّ في الاختبار، فسوف أعيد تقييم الظّروف وسيستبدّل الفخر بالحزن.


نظريّات تقييم المشاعر: نتائج تقييمنا للموقف سوف تحدّد ما ستكون عليه الاستجابة العاطفيّة | تصميم: ليات بيلي

لماذا المشاعر ضروريّة؟ 

بالإضافة إلى النّظريّات الّتي سعت إلى تفسير كيفيّة تطوّر المشاعر، ركّزت نظريّات أُخرى على فهم أهمّيّة المشاعر وأسباب ضرورتها.

لاحظ مؤسّس نظريّة التّطوّر، تشارلز داروين (Charles Darwin)، أثناء رحلاته أنّ البشر والحيوانات يعبّرون عن مشاعر معيّنة بطريقة متشابهة في مختلف أنحاء العالم. لذلك، في كتابه "التّعبير عن المشاعر عند الإنسان والحيوان" (The Expression of the Emotions in Man and Animals)، طرح احتمال أنّ المشاعر قد تكون موروثةً، وأنّها تطوّرت لأنّها تساهم في بقاء الكائن الحيّ، وقدرته على إنجاب ذُريّة خصبة. على سبيل المثال، يدفع الخوف الكائنات إلى القتال أو الفرار من مصدر الخطر. أما الحبّ، من ناحية أخرى، فإنّه يقودنا إلى العثور على شريك، التّكاثر والاهتمام برفاهيّة أطفالنا. ومن هذا الخطّ الفكريّ، ولد علم النفس التطوري - وهو مجال علميّ يسعى إلى استكشاف السّلوك البشريّ والعاطفة والفكر، من خلال عدسة البقاء البيولوجيّ.

على الرّغم من استنتاجات داروين، ساد في منتصف القرن العشرين الافتراض بأنّ المشاعر هي سلوكيّات مكتسبة. لكن في سنوات السّتينيّات، دحض عالم النّفس الأمريكيّ بول إيكمان (Paul Ekman) هذا الافتراض حيث ادّعى أنّ هناك مشاعر أساسيّة بيولوجيًّا. استندت استنتاجات إيكمان إلى تجارب أظهر فيها وجود "مخزون" عالميّ من تعبيرات الوجه والاستجابات الفسيولوجيّة الأخرى الّتي تعبّر عن المشاعر الأساسيّة، والّتي تتشارك فيها جميع الثّقافات البشريّة، حتّى تلك الّتي تعيش في عزلة تامّة عن الحضارة الحديثة.

علاوةً على ذلك، وفقًا لفرضيّة ردود الفعل الوجهيّة (Facial feedback hypothesis)، فإنّ العلاقة بين المشاعر وتعبيرات الوجه ذات تأثير متبادل، ممّا يعني أنّ تعبيرات الوجه يمكن أن تنظّم المشاعر أيضًا. على سبيل المثال، تفترض هذه الفرضيّة أنّ مجرّد الابتسام، حتّى وإن لم يكن نابعًا من مشاعر حقيقيّة، قد يساهم في تحسين مزاجنا. لا يزال هذا الادّعاء مثيرًا للجدل اليوم، حيث واجهت الدّراسات صعوبة في تكرار نتائج الدّراسة الأصليّة الّتي استندت إليها النّظريّة. مع ذلك، تشير النّتائج الجديدة إلى احتمال وجود نوع من آليّة التّغذية الرّاجعة بين تعبيرات الوجه والخبرة العاطفيّة.

ويبدو أيضًا أنّ الأساس العصبيّ للمشاعر لا يقتصر على الشّعور نفسه فحسب، بل يتعلّق أيضًا بتواصلنا مع الآخرين. فقد أظهرت الدّراسات الحديثة أنّ المشاعر المختلفة تتميّز بأنماط مختلفة من النّشاط العصبيّ، إضافة إلى وجود خلايا عصبيّة تُسمّى الخلايا العصبيّة المرآويّة (Mirror neuron)، والّتي تتعرّف على المشاعر في سلوك الآخرين وتستجيب لها. ومن بين أمور أخرى، يُعتقد أنّ هذا هو السّبب المحتمل لكون الضّحك مُعديًا.

في بداية هذا القرن، بدأت تترسّخ نظريّة الانفعال (Affect theory)، الّتي ساهمت في تعميق فهمنا للبيولوجيا المرتبطة بالعواطف بشكل أكبر. وفقًا لهذه النّظريّة، توجد شبكة عصبيّة خاصّة لكلّ واحدة من المشاعر الأساسيّة في دماغنا، أي أنّ لكلّ منها نشاط عصبيّ فريد. يمكن ربط الشّبكات العصبيّة هذه بالدّور التّطوّري الّذي لعبته المشاعر الأساسيّة في تكيّف أسلافنا القدماء. على سبيل المثال، ترتبط الشّبكة العصبيّة للشّعور بالخوف في كلّ ما يتعلّق بالبقاء، في حين ترتبط الشّبكة العصبيّة للشّعور بالغضب بالمخاوف المتعلّقة بتحديد الحدود والمساحات الخاصّة.

مع ذلك، فشلت الدّراسات الّتي تستخدم تقنيّات تصوير الدّماغ حتّى الآن، في تحديد وجود شبكات عصبيّة خاصّة  للمشاعر الأساسيّة، ممّا قد يثير الشّكّ حول وجود هذه الشّبكات. لكن، يزعم بعض الباحثين أنّ أساليب البحث الحاليّة ليست متطوّرة بما يكفي لاكتشافها، وأنّ كمّيّة الأدلّة الّتي تظهر وجود أساس عصبيّ بيولوجيّ لهذه المشاعر تفوق تلك الّتي تنفيه.


فرضيّة ردود الفعل الوجهية، الّتي تنصّ على أنّ الابتسام سوف يحسّن مزاجنا، هي فرضيّة مثيرة للجدل. امرأة تبتسم ابتسامةً مزيّفةً | Vladimir Gjorgiev, Shutterstock

الارتباط الثّقافيّ

تؤكّد التّوجّهات الأُخرى لدراسة المشاعر على المكانة المركزيّة للثّقافة في تشكيلها. يزعم بعض الباحثين أنّ المشاعر هي نتاج البناء الثّقافيّ، حيث تتناسب مع متطلّبات الثّقافة الّتي نعيش فيها. لذلك، يطوّر النّاس مشاعر تعتبر معياريّة في المجتمع الذي يعيشون فيه، والّتي من شأنها أن تساعدهم على التّصرّف والقيام بالوظائف بما يتماشى مع المقبول ثقافيًّا.

توصّلت الدّراسات بالفعل إلى أنّ تجربة مثل هذه المشاعر ترتبط بمستوى عالٍ من الرفاهيّة النّفسيّة. على سبيل المثال، يُعتبر الشّعور بالغضب معياريًّا في الولايات المتحدة، حيث يرتبط بصفات إيجابيّة مثل الاستقلالية والاعتماد على الذّات. بينما في اليابان، يُعتبر الغضب سلبيًّا، حيث يُنظر إليه على أنّه تهديد للتّناغم بين الأشخاص. في المقابل، يعتبر الخجل أمرًا طبيعيًّا في اليابان، ويُعزى إلى النّقد الذّاتيّ الّذي يساهم في الانسجام الاجتماعيّ، بينما يُعتبر في الولايات المتّحدة شعورًا غير مرغوب فيه، ويرتبط بضرر يلحق بتقدير الذّات. لذلك، فإنّ النّاس في الولايات المتّحدة يشعرون بالغضب أكثر من النّاس في اليابان، بينما يشعر النّاس في اليابان بالخجل أكثر.

حتّى الآن، لا يزال غير واضح تمامًا ما هي المشاعر بالضّبط، وما هي الآليّات الّتي تكمن وراءَها. هناك العديد من النّظريّات الأُخرى الّتي تحاول تفسير هذه الظّاهرة الأساسيّة للغاية. كتب علماء النّفس بيفرلي فير (Beverley Fehr) وجيمس راسل (James Russell) في عام 1984: "يعرف الجميع ما هي المشاعر، حتّى يُطلب منهم تعريفها. ثمّ يبدو أنّ لا أحد يعرف ما هي". ويبدو أنّه حتى بعد مرور أربعين عامًا، ما زلنا بعيدين عن فهم هذه الظّاهرة المعقّدة.

0 تعليقات