دراسة جديدة تقترح استخدام بكتيريا الجلد الشّائعة لمنع تطوّر الجروح المزمنة لدى مرضى السُّكريّ

تلعب البكتيريا "الجيّدة" دورًا مُهمًّا في نشاط الجهاز الهضميّ، ومع مرور الوقت، تعلَّم البشر كيفيّة الاستفادة منها في مجالات متعدّدة، مثل: صناعة الجُبن. مع ذلك، عادة ما ترتبط البكتيريا في أذهاننا بالأنواع المسبِّبة للأمراض من بينها. عندما يُصاب شخص ما ببكتيريا مُسبِّبة للمرض، يكون العلاج المعتاد هو المضادّات الحيويّة، ولكن في بعض الأحيان تُطوِّر البكتيريا مقاومةً للدّواء، ممّا يُصعِّب عمليّة الشّفاء. وفي هذه الحالات، قد يكون من الممكن الاستعانة بـ "جيش" من المحاربين الصِّغار المهرة- البكتيريا الجيِّدة لمحاربة البكتيريا الضّارّة.

أدّى اكتشاف البنسلين (Penicillin) في منتصف القرن العشرين إلى تغييرٍ جذريّ في الأساليب الطِّبّيّة المستخدمة في علاج الالتهابات البكتيريّة، والّتي كانت حتّى ذلك الحين تعتمد بشكلٍ أساسيّ على المُركّبات الكيميائيّة السّامّة. يؤدّي الاستخدام واسع النِّطاق للمضادّات الحيويّة اليوم إلى تطوّر البكتيريا المقاوِمة للمضادّات الحيويّة المستعمَلة، ممّا يستدعي من الباحثين البحث باستمرار عن موادّ مضادّة حيويّة جديدة تعمل من خلال آليّات أخرى. عندما لا تعمل المضادّات الحيويّة، يمكِن للجروح والالتهابات الجلديّة أن تتحوّل إلى قرحات مزمِنة. تُعتبَر هذه الظّاهرة شائعة بشكلٍ خاصّ بين مرضى السّكريّ، ممّا يعرض حياة العديد منهم وصحّتهم للخطر. توصَّل باحثون من كلّيّة الطِّبّ بجامعة بنسلفانيا إلى علاج جديد للجروح المُزمِنة: استخدام البكتيريا الّتي تساعد على الشّفاء.


عندما لا تعمل المضادّات الحيويّة، يمكن للجروح والالتهابات الجلديّة أن تتحوَّل إلى قرحات مزمِنة. رسم توضيحيّ لقدمٍ بها جروح والبكتيريا المختلفة الّتي تعيش فيها | Shutterstock, Kateryna Kon

حرب صغيرة

يركِّز مختبر الباحثة إليزابيث جرايس (Elizabeth Grice) في بنسلفانيا على دراسة مجموعة البكتيريا (الميكروبيوم) الّتي تعيش في الجروح. وقد أظهرت أبحاث جرايس أنّ العديد من هذه البكتيريا لا تسبِّب الأمراض على الإطلاق، ولكن حتّى الآن لم تُختبَر قدرتها على المساعدة في علاج الأمراض الّتي تسبّبها البكتيريا الأخرى. عندما تعيش أنواع مختلفة من البكتيريا جنبًا إلى جنب، تنشأ تفاعلات متبادلة بينها، وفي كثير من الحالات تطوِّر آليات تسمح لها بالتّعامل مع التّأثيرات البيئيّة غير المرغوب فيها من محيطها. لذلك، ربما تحتوي الجروح على بكتيريا قادرة على محاربة البيئة المسبِّبة للعدوى، وربّما يمكن استخدامها في علاج الجروح. 

في الدّراسة الجديدة، فحص الباحثون تأثير بكتيريا Alcaligenes faecalis (باختصار A.faecalis) الشّائعة في جروح مرضى السّكريّ، على عمليّات التئام عدوى الجروح في الفئران المُصابة بالسّكريّ. أظهرت النّتائج أنّ وجود هذه البكتيريا أدّى إلى التئام الجروح لدى الفئران المريضة بشكلٍ أسرع وأحسن، خاصّة في الأيّام الأولى بعد الإصابة.

اكتشف الباحثون أنّ نَقْع الجرح في محلولٍ يحتوي على البكتيريا يحفِّز انقسام خلايا معيّنة موجودة في الجلد نحو الجرح وهجرتها، ممّا يساهم في تحسين معدَّل الشِّفاء، ويمنع تطوّر الجرح المزمن. لذلك، ركَّز الباحثون على تحديد خصائص هذه الخلايا، المعروفة باسم الخلايا الكيراتينيّة (Keratinocyte). تشكِّل هذه الخلايا معظم الطّبقة الخارجيّة من الجلد (البشرة) لدى البشر، وتوفِّر حماية ضدّ المخاطر البيئيّة، مثل: الجفاف، الأشعّة فوق البنفسجيّة، والعدوى البكتيريّة والفيروسيّة. كما تشارك في عمليّة شفاء الجروح الجلديّة، وذلك بالهجرة إلى المنطقة المصابة وإغلاق الفتحة النّاتجة.


إنّ نَقْع الجرح في محلول يحتوي على البكتيريا يشجِّع خلايا الجلد على الانقسام والهجرة إلى الجرح. رسم توضيحيّ للجرح بدون بكتيريا (اليسار)، ومع البكتيريا الّتي تُعزِّز  هجرة خلايا الجلد إلى المنطقة المتضرّرة والتئامها (اليمين) | من المقال، White EK et al., Sci. Adv. 2024

لفهم الآليّة البيولوجيّة الّتي تساعد الجروح على الالتئام، عرّض الباحثون جروح فئران مصابة بمرض السّكريّ لثلاثة محاليل مختلفة: الأوّل- خالٍ من أيّ بكتيريا؛ الثّاني- يحتوي على بكتيريا مسبِّبة للأمراض؛ الثّالث- يحتوي على بكتيريا A.faecalis. أظهر تحليل شامل لجزيئات الحمض النّوويّ الرّيبوزيّ (RNA) في خلايا الفئران، الّتي تنقل التّعليمات إلى آليّة الخليّة لإنتاج بروتينات محدّدة، أنّ بكتيريا A. faecalis قلّلت من إنتاج بروتين معيّن، في حين زادت البكتيريا المسبِّبة للمرض من إنتاجه. ممّا يشير إلى أنّ هذا البروتين قد يلعب دورًا في عمليّة التئام الجروح لدى مرضى السُّكريّ. في الواقع، إنّ مستوى هذا البروتين مرتفع بشكلٍ خاصّ لدى مرضى السّكريّ، ممّا يخلق طبقة بروتينيّة تصعِّب على الخلايا الكيراتينيّة الوصول إلى الجرح. كما أكّدت تجربة أخرى هذا الأمر، حيث أظهرت أنّ إضافة البروتين إلى الجرح أعاقت عمليّة  الشّفاء.

أظهرت الدّراسة أنّ بكتيريا A. faecalis تساعِد بالفعل في عمليّة التئام الجروح لدى الفئران المُصابة بمرض السُّكريّ، ويرجع ذلك جزئيّا إلى قدرتها على تقليل نشاط بروتين معيّن في الخلايا المحيطة بالجرح. كما تمّ العثور على عمليّة مماثلة في عيّنات الجلد المأخوذة من مرضى السّكريّ البشريّين؛ حيث تبيّن أنّ البكتيريا تساهم في موازنة نشاط البروتينات الّتي تعيق عمليّة الشّفاء لدى مرضى السّكريّ بشكلٍ خاصّ. ومن خلال القيام بذلك، تحسّن البكتيريا من قدرة خلايا الجلد اللّازمة لالتئام الجروح على التّكاثر والوصول إلى موقع الجرح. تُعتبَر هذه خطوة جوهريّة في دراسة استخدام البكتيريا لعلاج الجروح المزمنة.

لفهم الآليّة البيولوجيّة الّتي تساعد الجروح على الالتئام، عرّض الباحثون جروح فئران مصابة بمرض السّكريّ لثلاثة محاليل مختلفة: الأوّل- خالٍ من أيّ بكتيريا؛ الثّاني- يحتوي على بكتيريا مسبِّبة للأمراض؛ الثّالث- يحتوي على بكتيريا A.faecalis. أظهر تحليل شامل لجزيئات الحمض النّوويّ الرّيبوزيّ (RNA) في خلايا الفئران، الّتي تنقل التّعليمات إلى آليّة الخليّة لإنتاج بروتينات محدّدة، أنّ بكتيريا A. faecalis قلّلت من إنتاج بروتين معيّن، في حين زادت البكتيريا المسبِّبة للمرض من إنتاجه. ممّا يشير إلى أنّ هذا البروتين قد يلعب دورًا في عمليّة التئام الجروح لدى مرضى السُّكريّ. في الواقع، إنّ مستوى هذا البروتين مرتفع بشكلٍ خاصّ لدى مرضى السّكريّ، ممّا يخلق طبقة بروتينيّة تصعِّب على الخلايا الكيراتينيّة الوصول إلى الجرح. كما أكّدت تجربة أخرى هذا الأمر، حيث أظهرت أنّ إضافة البروتين إلى الجرح أعاقت عمليّة  الشّفاء.

أظهرت الدّراسة أنّ بكتيريا A. faecalis تساعِد بالفعل في عمليّة التئام الجروح لدى الفئران المُصابة بمرض السُّكريّ، ويرجع ذلك جزئيّا إلى قدرتها على تقليل نشاط بروتين معيّن في الخلايا المحيطة بالجرح. كما تمّ العثور على عمليّة مماثلة في عيّنات الجلد المأخوذة من مرضى السّكريّ البشريّين؛ حيث تبيّن أنّ البكتيريا تساهم في موازنة نشاط البروتينات الّتي تعيق عمليّة الشّفاء لدى مرضى السّكريّ بشكلٍ خاصّ. ومن خلال القيام بذلك، تحسّن البكتيريا من قدرة خلايا الجلد اللّازمة لالتئام الجروح على التّكاثر والوصول إلى موقع الجرح. تُعتبَر هذه خطوة جوهريّة في دراسة استخدام البكتيريا لعلاج الجروح المزمنة.

 

0 تعليقات