قبل 186 سنة، اكتشف مايكل فاراداي ظاهرة الحثّ الكهرومغناطيسيّ، والتي تسمحُ بإنتاج الجهد والتيار الكهربائيّ. شاهدوا الفيديو الذي يشرح هذا الاكتشاف.
في سلسلةٍ من التجارب التي أجريت في 29 و 30 أغسطس عامَ 1831، اكتشفَ العالمُ مايكل فاراداي أنّ تحريكَ المغناطيس بالقربِ من سلكٍ كهربائيّ (أو أيّ موصلٍ كهربائي آخر) يُنتج جهدًا كهربائيًا في داخله. تستمر تأثيرات هذا الاكتشاف حتى يومنا هذا؛ لأنه الأساس لإنتاج مُعظم الكهرباء في العالم.
شرح
كان مايكل فاراداي عالمًا فريدًا ومُميزًا ذا قصة حياة خاصة. لم يسبق له أن درس في الجامعة، ولا حتى في المدرسة الثانوية، لكنه كان مع ذلك يُعتبر من أعظم العلماء في التاريخ، وقد وصل إلى هذه المكانة بسبب الكثير من الإرادة والمثابرة التي مكّنته من تحقيق عبقريته على أرض الواقع.
أحد أهم اكتشافاته هو ما يسمى الآن بقانون فاراداي أو ظاهرة الحثّ الكهرومغناطيسي. من الصعب جدًا التفكير في أهمية الاكتشافات الأخرى التي كان لها تأثيرٌ كبيرٌ على الحياة العصرية كهذا الاكتشاف؛ لأنه أتاحَ لنا فرصة استخدام الكهرباء في كل منزل.
في الفترة التي عاش فيها فاراداي (1791-1867)، تمّ إنتاج الكهرباء باستخدامِ بطارياتٍ بدائية أو عن طريق فرك مادتين معًا لإنشاء الكهرباء الساكنة. تمّ الحصول على القليل من الطاقة الكهربائية في كلتا الطريقتين، ولكن بجميع الأحوال لم تتوفر طريقة لإنتاج الكهرباء على نطاقٍ أوسع. أجرى فاراداي العديد من التجارب في مجاليّ المغناطيسية والكهرباء، واكتشف قبل 186 عامًا أنه إذا تمّ تمرير تيار كهربائي من خلال لولب من الأسلاك المعدنية (مادة موصلة للكهرباء)؛ يتكون الجهد الكهربائيّ في لولب معدنيّ آخر بالقرب منه (للمهتمين، يوجد هنا رابط ليوميات فاراداي، وصف التجارب الرائدة من 29-30.8.1831 موجود في الصفحة 37). لقد أدى استكمال التجارب إلى الاكتشاف بأنّه يكفي تمرير مغناطيس من خلال لولب معدنيّ لإنتاج جهد كهربائي بين أطراف اللولب. في الواقع، حتى في التجربة الأولى، كان المغناطيس هو المسبب في تدفق الكهرباء في اللولب؛ الحقل المغناطيسيّ الذي تم إنشاؤه في اللولب الأول عندما تدفقت الكهرباء من خلاله. في اللغة العلمية، يقال إن التغيير في التدفق المغناطيسي يخلق قوة محركة كهربائية (الكهرباء) في اللولب. (في صياغةٍ أكثر دقة، ينصّ القانون على: "القوة المحركة الكهربائية التي يتم إنشاؤها في حلقة موصلة مغلقة تتناسب طرديًا مع وتيرة التغير في تدفق الحقل المغناطيسي عبر المنطقة التي تُحيط بها الحلقة").
معنى القانون أنّ المغناطيس وحده لن ينتج الكهرباء إذا وجد بالقرب من لولب مادة موصلة للكهرباء، يجب أن يتحرك المغناطيس باستمرار، بحيث يكون هناك تغير مستمر في الحقل المغناطيسي بالقرب من اللولب الموصل لإنتاج الكهرباء فيه. ما يحدث في هذه العملية هو انتقال الطاقة: من الطاقة الحركية/ الميكانيكية، أيّ حركة المغناطيس، إلى الطاقة الكهربائية. لا يتمّ "هدر" المغناطيس وهو لا يمثل مصدر طاقة للعملية، لكنه يسمح بحصولها فقط. نظرًا لأنّ المغناطيس يملك اتجاهين مختلفين (للمغناطيس يوجد قطبين)، فإنّ الحركة في اتجاهات متعاكسة للمغناطيس بالقرب من اللولب تؤدي إلى تغير معكوس في التدفق المغناطيسي، وبالتالي يتم عكس التيارات الكهربائية كما هو موضح في الفيديو.
أدرك فاراداي أن أسهل طريقة لإنتاج حركة ثابتة كانت من خلال الدوران، مما أدى به إلى اختراع الدينامو / المولد الأول، وهو أول جهاز لتوليد الكهرباء بصورة مستمرة، ثابتة بدون توقف، طالما أنّه يتمّ تدوير محوره. ما استدار فعليًا في الدينامو الخاص بفاراداي هو الموصل الكهربائي، في الوقت الذي ظلّ فيه المغناطيس ثابتًا.
منذ اختراع فاراداي، تم تطوير المنظومة عدة مرات: تمّ استبدال المغناطيس في نهاية المطاف بمغناطيسٍ كهربائيّ يتيح حقلًا مغناطيسيًا قويًا، وبالتالي تيارًا كهربائيًا أقوى بكثير. لكن المبدأ لا يزال هو نفسه: وإلى يومنا هذا، هكذا تنتج شركات الكهرباء معظم الكهرباء في العالم حتى يومنا هذا؛ حركة دائرية تتحول إلى كهرباء.
عادةً ما يكون الفرق بين محطات الطاقة هو في الطريقة التي تسبب الحركة الدورانية: محرك بنزين، عنفة الفحم، غاز، طاقة نووية، شلالات الماء أو الريح، لكن في جميع هذه الطرق تدور التيّارات المغناطيسية حول الأسلاك المعدنية، مما يؤدي إلى إنتاج الكهرباء. يتم إنتاج الكهرباء اليوم بطرق كثيرة لا تشمل وجود المولدات، مثل الخلايا الشمسية.
إذا أردنا فعليًا فهم سبب حدوث ظاهرة الحث الكهرومغناطيسي، نقول ببساطة إنها عبارة عن تجسيد لواحد من قوانين الطبيعة المتعلقة بالكهرباء والمغناطيسية: يوجد في المعادن إلكترونات حرة، والإلكترونات هي جسيمات صغيرة تحمل شحنة كهربائية سالبة. اتضح أنه عندما تتحرك الإلكترونات باتجاه الحقل الكهربائي (أو يتحرك الحقل الكهربائي باتجاهها كما هو الحال في المثال)؛ تعمل على الإلكترونات قوة تسمى (قوّة لورنتس)، حيث تسحب الإلكترونات عموديًا باتجاه حركتها ونحو الحقل المغناطيسي، يتم التعبير عن هذه القوة بحركة الإلكترونات في الدائرة الكهربائية؛ التيار الكهربائيّ.