المواد والأدوات
- كأس قاسية (من الزجاج أو الخزف أو البلاستيك المقوّى)
- ماء
- ورقة بريستول جامدة ومستقيمة (كالذي يستعمل لعقد مثلثات البيتزا، أو ورق كرتون من عُلب حبوب الفطور
مجرى التجربة
يمكنكم مشاهدة مجرى التجربة في مقطع الفيديو التالي:
لقد قررنا هذه المرة ألّا نخفي "اخفاقاتنا" من المقطع وذلك ليرى المشاهد أن التجارب في الواقع لا تتكلل دائماً بالنجاح حتى وإن كانت تجارب "بسيطة" - وكم بالأحرى في التجارب الأكثر تعقيداً والتي يجريها طلاب الجامعات والعلماء في الجامعات. من هنا فإنه من الضرورة بمكان توخّي التدقيق بكل التفاصيل وإن بدت لنا قليلة الأهمية، وذلك لضمان نجاح التجربة.
شرح
ليست الأسماك وحدها هي التي تعيش في المحيطات، نحن أيضًا نعيش في المحيط الخاص بنا، الهواء. صحيح أن كتلة الهواء وكثافته منخفضة جداً إذا ما قارنّاها بماء البحر (وزن السنتمتر المكعب الواحد من الهواء يساوي ما يقارب المليغرام أي جزءًا من الألف من الغرام) - ولكن على الرغم من ذلك فإن كمية الهواء الهائلة المحيطة بنا تؤثر بضغط كبير على كل ما هو موجود على سطح الكرة الأرضية. على مستوى سطح البحر، ضغط الهواء يقارب وحدة ضغط جوي (أتموسفيرا) واحدة وهو يعادل الضغط الذي تؤثر به كتلة مقدارها كيلوغرام واحد على مساحة مقدارها سنتيمتر مربع واحد. ذلك يعني أن الهواء يؤثر بقوةٍ تعادل مئة كيلو غرام على مربع من الورق مقاساته هي 10*10 سم ومساحته إذاً تساوي 100 سنتيمتراً مربعاً.
هذا هو ضغط الهواء المسؤول عن الظاهرة التي نشاهدها في مقطع الفيديو وعن ظواهر كثيرة أخرى في حياتنا اليومية. فمثلاً، عندما نقوم بضخ الماء بواسطة قشة أو محقن، أو عندما نغمس قشة في الماء ونقفل فتحتها العليا باصبعنا ثم نخرجها من الماء - يبقى الماء فيها. ويحدث الأمر ذاته في القطارة التي نستعملها لضخ السائل - كل ذلك يصبح ممكنًا بتأثير ضغط الهواء.
ضغط الهواء في القطارة والمحقن يمنع انسكاب السائل وسيلانه منهما ꟾ تمت معالجة الصورة من قبل Shutterstock
عند ضخ الهواء من القسم العلوي لأنبوب ما (بواسطة الفم أو مضخة المحقن) يقل الضغط في الأنبوب، نتيجة لذلك يتم ضغط الماء الموجود في القسم السفلي إلى داخل الأنبوب وذلك بتأثير ضغط الهواء. ويمنع هذا الضغط بالتالي الماء من الانسكاب لأنه يؤثر عليه بضغط من الأسفل إلى الأعلى. في الواقع، فإنه بإمكان قوة ضغط الهواء إبقاء عمود من الماء ارتفاعه عشرة أمتار معلقاً داخل الأنبوب!
ما الذي يحدث في التجربة بالضبط؟ عندما نقلب الكأس ينزل الماء الذي فيها قليلاً إلى الأسفل (يمكن ملاحظة ذلك من خلال اتخاذ ورقة الكرتون شكلاً بارزاً بعض الشيء). نتيجة لذلك، يزداد حجم الهواء المحبوس داخل الكأس ويقل الضغط فيها (قانون بويل). بما أن الضغط داخل الكأس يصبح أقل من ضغط الهواء خارجها، يؤدي الفرق في الضغط إلى منع انسكاب الماء إلى الأسفل. (الضغط الخارجي يؤثر على قطعة الكرتون بقوة أكبر من تأثير ضغط الماء عليها).
تكمن ضرورة استعمال قطعة الكرتون في أنها تمنع دخول الهواء إلى القسم العلوي للكأس ومن ثم دفع الماء وطرده منها، ولذلك يجب أن تكون هذه القطعة مستقيمة تماماً لإحكام اقفال الكأس بشكل تام. (وفي "الإخفاق" الذي يشاهَد في المقطع نرى جيداً ما الذي يحدث عندما لا تُقفل قطعة الكرتون الكأس إقفالاً تاماً). كما ويستحسن ملْء الكأس بالماء بشكل كامل تقريباً (حتى الحافة العليا) لكي لا يبقى هواء في القسم العلوي عند قلبها، وبذلك تزداد فرصة نجاح التجربة. سبب ذلك هو أنه إذا كانت هناك كمية كبيرة من الهواء فإنه قد يتمدد كثيراً عند قلب الكأس إلى درجة تؤدي إلى أن تغطس قطعة الكرتون إلى الأسفل أكثر فأكثر، الأمر الذي يتيح المجال للهواء للدخول إلى الكأس. انتبهوا إلى أنه إذا استعملنا كأساً مصنوعة من مادة غير متينة بما فيه الكفاية، مثل الكأس أحادية الاستعمال المصنوعة من البلاستيك الرقيق، فإن التجربة لن تنجح لأن ضغط الهواء الخارجي سيسحق الكأس ويدفع بالماء إلى الأسفل. وتجري الأمور بصورة مشابهة في القسم الثاني من التجربة. يؤدي تغيير زاوية اليد إلى زيادة حجم الهواء المحبوس بين الكأس وبين اليد فيقل الضغط داخل الكأس، حسب "قانون بويل". بما أن ضغط الهواء الخارجي أكبر من الضغط المنخفض الذي بين اليد والكأس، فإنه بالمجمل تؤثر على الكأس قوة من أسفل إلى أعلى، الأمر الذي يؤدي إلى التأثير بالضغط على الكأس فتبقى ملتصقة بكف اليد.
من الجدير بالذكر
توجد للماء صفة تسمى بـ "التوتر السطحي"، والتي تؤدي إلى أن يكون للماء ما يشبه الـ"غشاء" المتين في القسم الخارجي. بما أنه توجد علاقة بين قوة التوتر السطحي وبين قطر الوعاء الذي يوجد فيه الماء، في الأنابيب وفي الأوعية الصغيرة مثل القشة أو القطارة، يعمل التوتر السطحي كعمل قطعة الكرتون التي في هذه التجربة ويمنع الهواء من النفاذ والصعود في أعالي الأنبوب وجعل الماء ينسكب منه.