في هذه التّجربة نبني من قشّ الشّرب مضخّة مائيّة ذاتيّة- تضخّ الماء دون الحاجة إلى مصدر كهربائيّ أو أيّ مصدر طاقة آخر خارجيّ ظاهر للعيان.
ألمُعدّات
قشّ شرب قابل للثّني (4-8، بحسب حجم المضخّة التي نريد بنائها، بالإمكان استعمال أُنبوب مرن)
ورق لاصق
كأسان
ماء
مجرى التّجربة
يمكننا مشاهدة مجرى التّجربة من خلال الفيلم القصير التّالي:
انتبهوا! يجب أن نحافظ على سدّ نقاط الارتباط بين قطع القشّ بشكل محكم- (إذا لم نحكم السّدّ جيّدًا، فسيدخل الهواء من خلالها ويؤدّي إلى فشل التّجربة).
الشّرح
مبدأ عمل المـِثْعَب "السيفون" هو كونُه يحتوي على ذراعين مملوءَتَيْنِ بالماء بارتفاعات متفاوتة؛ وكما نعرف جميعُنا من حياتنا اليوميّة، أنّ الماءَ يجري من المكان المرتفع إلى المكان الأقلّ ارتفاعًا (بسبب قوة الجاذبيّة، كما هي الحال للأجسام الأخرى التي تسقط إلى الأسفل). لذلك، فطالما حافظنا على فارق في ارتفاع الماء في جانبي المـِثعَب، فإنّ عملهُ سيستمر.
الأمر الذي يثيرُ الدّهشة في طريقة عمل المثعَب أنّ الماء، وهو في طريقه من الأعلى إلى الأسفل، يصعدُ باتّجاه الأعلى، في الذّراع القصيرة (على صورة حرف ال ح بالعبريّة – ח) في المثعب.
لكي نفهم هذه الظّاهرة علينا فهم الضّغوط التي تعمل على الماء داخل المثعَب.
كما نشاهد في الصّورة المتحرّكة، فإنّ عمود الماء في الذّراع الطّويلة (الذّراع اليُمنى) في المثعَب أطول منه داخل الذّراع القصيرة، ولذلك فإنّ ضغط الماء في الجزء الطّويل من المثعب أكبر منه في الجزء القصير (يمكن الاطّلاع بتوسّع على ضغط الماء وقانون باسكال). يعملُ ضغط الهواء على الذّراعين أيضًا (الخارجيّ)- بما أنّ ضغط الهواء متساوٍ في كلّ الأماكن فلذلك يبقى متوازنًا، والمهمّ هنا وفي المرحلة الأولى هو ارتفاع عمود الماء في جزءَيِ المثعب.
بما أنّ ضغط الماء في الذّراع الطّويلة للمثعَب أكبر منه في الذراع القصيرة، فعند فتح المثعب يبدأ الماء بالتّدفق باتّجاه الأسفل. يمكن مقارنة ذلك بكفّتي ميزان، في الكفّة الواحدة كتلةٌ تختلف عن الأخرى، وتتحرّك الكفّة باتّجاه الكتلة الكُبرى وزنًا.
عندما يبدأ الماء بالخروج من الذّراع الطّويلة للمِثعَب، يتكوّن ضغط سلبيّ، أي ضغط منخفض- لأنّ المادّة (الماء) التي كانت داخله خرجت منه. يؤدّي الضّغط المنخفض إلى ضخّ الماء الموجود في الجزء المتوازن من المثعب (بدقّة أكبر- لدفعه) إلى داخل الذّراع الطّويلة، وهذا يؤدّي إلى إحداث وضع ضغط سلبيّ في القسم المتوازن من المثعب- فيدفع الماء من الجزء العموديّ القصير من المثعب (على اليسار) إلى الجزء المتوازن. نتيجة لذلك يتكوّن ضغط سلبيّ في هذا الجزء من المثعب، ممّا يؤدّي إلى ضخّ الماء من الكأس إلى داخل الأُنبوب، تمامًا كما نضخّ الماء إلى داخل حقنة من كأس بواسطة تحريك مكبس الحقنة إلى الوراء.
من وجهة نظر فيزيائيّة، ليست الحقنة أو الذّراع السّبب في ضخّ الماء، بل ضغط الهواء الخارجيّ الذي يضغط على سطح الماء داخل الكأس، ويؤدّي إلى إدخالها إلى داخل الحقنة أو ذراع المثعب ذَوَيِ الضّغط المنخفض. أي أنّ، سلسلة الفارق في الضّغط يؤدّي إلى تدفّق الماء من الكأس إلى الذّراع المنخفضة للمِثعب- ومنه إلى الخارج إلى الكأس السّفلى.
وما هو مصدر القوّة لهذه "المضخّة"؟ إذًا، فإنّ قوّة الجاذبيّة للكرة الأرضيّة هي القوّة المشغّلة للمِثعب، وبدونها لا يكون للماء داخل المثعب أيّ وزن، فلن تفعّل أيّ ضغط ولن يكون هناك تدفّق. قوّة الجاذبيّة مسؤولة أيضًّا عن ضغط الهواء الخارجيّ- الذي يشارك هو أيضًا في عمل المثعب.
جديرٌ للذِّكر
استعمال المثعب كان معروفًا عند المصريّين في العام 1500 قبل الميلاد، كوسيلة لتفريغ صهاريج الماء إلّا أنّه، وفي القرن السّابع عشر للميلاد فقط (أي بعد أكثر من 3000 سنة) نجح العالم بيلز باسكال في فهم مبدإ عمله. حتى يومنا هذا نستعمل المثعب لتفريغ صهاريج يصعب قلبها، مثل صهاريج الوقود في السيّارة أو براميل البيرة الكبيرة.
هنالك العديد من التّجارب التي يمكن إجراؤها اعتمادًا على مبدإ فارق الضّغط بين الماء والهواء. مثلا بالإمكان ضخّ الماء إلى داخل كأس مقلوبة بواسطة شمعة وغيرها.