فهم الجانب العلميّ لوظيفة الأحماض في المطبخ من خلال فطيرة (pai) الليمون

الطعم الحامض، دون باقي الأطعمة المعروفة - المرّ والمالح والحلو والطعم الأومامي -، هو الأكثر إثارةً للارتباك والبلبلة، لأنه يصعب وصف كيفيّة تأثير الأحماض على ملمس الطعام المطبوخ وطعمه. عند إضافة عصير الليمون إلى الخسّ، على سبيل المثال، يفقد الأخير من هشاشته ويغمقّ لونه الأخضر في حين يحافظ الشمندر المطبوخ على لونه الأصليّ عندما يلامس عصير الليمون. هل يحافظ الحمض إذًا على لون الخضار أم أنّه يؤدّي إلى تغييره؟ وكيف يؤثّر على ملمس وهشاشة الغذاء؟

يستطيع القائمون على مهمّة الطهي والشيّ الاستعانة بمنظومة من الأسس البسيطة، تعمل الأحماض وفقًا لها، وتطبيقها على الفواكه والخضار والعمليّات التي تجرى في المطبخ. اخترنا لكم وصف روعة الحموضة من خلال وصفة تحضير فطيرة (pai) الليمون، بلطفٍ من الحلواني أودي مندلر. 

المُكوّنات

مُكوّنات العجينة

  • ½ كأس من السكر (100 غرام)

  • 200 غرام زبدة

  • صفار بيضة واحدة

  • كمّيّة قليلة (كورت) من الملح

مُكوّنات الكريمة

  • ½1 كأس عصارة ليمون طازج (350 مللتر)

  • أقلّ من ⅔ كأس ماء (150 مللتر)

  • ¼1 كأس سكر (250 غرام)

  • ليمونة مكشوطة

  • 5 صفار البيض

  • ½4 ملاعق كورن فلور (45 غرام)

  • 70 غرام زبدة

مُكوّنات المارنج

  • بياض من 4 بيضات كبيرة الحجم (120 غرام)

  • ¾ كأس سكّر (150 غرام)

الطريقة 

  1. تحضير العجينة: نخلط الطحين والسكّر والملح. نفتّت الزبدة باليدين داخل المكونات الجافة - يمكن استخدام خلّاط كهربائي له مِشرط فولاذيّ بحيث يُشغّل بنبضات قصيرة. نضيف صفار البيضة بعد الحصول على فتات متجانس ونعجن الخليط إلى أن يتمّ استيعاب البيضة داخل العجينة بشكل كامل. نترك العجينة تبرد داخل البراد لمدّة ساعة.

  2. نُرَقّق العجينة حتّى يصبح سمكها حوالي نصف سنتيمتر ثمّ نفردها في أسفل قالب فطيرة وجوانبه ذي قطر 24 سنتيمتر. نخرق الجزء السفليّ بالشوكة. نضع القالب لمدّة 20 دقيقة في فرن سُخّنَ مسبقًا إلى 170 درجة مئويّة، حتّى يصبح لون العجينة ذهبيًّا. 

  3. تحضير كريمة الليمون: نُسخّن خليط السكّر وعصارة الليمون والماء والليمون المكشوط داخل طنجرة سميكة القاع حتّى الغليان. 

  4. نخلط صفار البيض مع الكورن فلور في صحن غميق. نضيف مغرفةً مليئة بالسائل المغليّ إلى الصفار ونخلط بسرعة. نضع خلطة الصفار الساخنة في قدرٍ ونطبخها مع التحريك حتّى تصبح الكريمة لزجة.

  5. نزيل القدر عن النار ونضيف الزبدة. نخلط الكريمة حتّى ذوبان الزبدة بشكل كامل ونمرّر الكريمة من خلال مصفاة رقيقة. نسكب الكريمة الحارّة داخل الفطيرة المخبوزة. نغطّيها بالنايلون اللاصق ونضعها في البراد لمدّة ثلاث ساعات.

  6. تحضير المارنج: نخلط السكّر وبياض البيضات داخل قدرٍ مزدوج (بن - ماري) إلى أن يذوب السكّر في البياض ذوبانًا كاملًا. ننقل الخلطة إلى وعاء الخفق ونخفق حتّى تتكوّن رغوة مستقرّة. ننظم المارينج فوق الكعكة.

  7. نخبز في الفرن على الجريل العلوي لمدة خمس دقائق حتى يَسْمَرَّ المارينج بعض الشيء.

פאי לימון רגע לפני ההכנסה לתנור | Shutterstock, Elusive Edamame
فطيرة الليمون هي أفضل طريقة لعرض روعة الحموضة. فطيرة (باي) الليمون قبل إدخاله في الفرن بلحظات. | Shutterstock, Elusive Edamame

هيا بنا الآن إلى الجانب العلميّ

تحتوي الأغذية المختلفة كالليمون والخلّ واليوغورت والكاتشاب وبعض أنواع الجبن والخضار والفواكه على الأحماض. اكتسب الحِمض اسمه في اللغة الانجليزية (Acid) من الكلمة اللاتينيّة "أسيدوس" التي تعني الطعم الحامض. تسمّى المادّة المضادّة للحمض بالقاعدة - صودا الشرب مثلًا هي قاعدة. يعدُّ الغذاء اللا حامضي ولا قاعديّ حياديًّا. 

يستخدم الكيميائيّون سلم الـ pH لتحديد حامضيّة أو قاعديّة الغذاء. يمتدّ سلّم الـ pH بين الصفر والعدد 14، بحيث أنّ رقم الـ pH للمادّة الحياديّة هو 7، وإذا كان أصغر من 7 فيشير إلى الحامضيّة، وتشير القيمة التي هي أكبر من 7 إلى القاعديّة. بناءً على ذلك فإنّ الليمون، وله pH بين 2 و 3، أكثر حامضيًّا من الياجورت، له pH بين 4 و 4.5. 

يؤدّي التنوّع الكبير في الأغذية التي نتناولها إلى فروق معينة في حامضيّة وقاعديّة مأكولات تبدو لنا متشابهة. فقد تكون درجة pH ليمونة ما 2.1 وليمونة أخرى 2.4 ، ويعود ذلك إلى درجة نضجها وإلى أسباب عديدة أخرى. 

يوجد لقيمة pH الغذاء تأثير بالغ على المظهر والملمس و المذاق والقيمة الغذائيّة ودرجة الأمان في استخدامه. تتراوح قيم pH غالبية المأكولات بين 2 و7 ، وقليلةٌ هي المأكولات القاعديّة. pH التفاح مثلًا هو بين 3.3 و 4، ويقترب pH ثمرة الأفوكادو من الحيادية وهو بين 6.2 و 6.6، والباذنجان حامضيّ بعض الشيء (4.5-5.3) أمّا العسل حموضته أعلى (3.9) والخلّ ذو حموضة عالية فله pH 2.2-3.4. 

الطعم الحمضيّ

دعونا نتطرّق أوّلًا إلى آليّة تغيّر لون الخضار والفواكه بتأثير الحامض، ونحاول بعد ذلك فهم تأثير الحامض على مذاق الطعام وملمسه ومظهره. 

الأحمر، البنفسجيّ والأزرق: تُسمّى عائلة المواد المسئولة عن ألوان الخضار والفواكه الحمراء والبنفسجيّة والزرقاء "الانثوسيانينات". هذه المواد هي عبارة عن أصباغ طبيعيّة جيّدة الذوبان في الماء موجودة في الفواكه (العنب والبيتل) وفي الخضار (الملفوف البنفسجيّ) وفي الأزهار (الورد، الزنبق). تشارك الانثوسيانينات في العمليّات المضادّة للأكسدة ولها وظائف متنوّعة أخرى في المنظومات البيولوجيّة. يتأثّر لون الانثوسيانينات بدرجة الحموضة: لونها أحمر في pH يساوي 1، ويتغيّر إلى البنفسجيّ في الوسط الحياديّ وإلى الأصفر،  تدريجيًّا، مع ارتفاع القاعديّة و الـ pH ووصوله إلى 13. تحافظ، لهذا السبب، الخضار والفواكه حمراء اللون التي تُطبخ في الخلّ أو داخل عصارة الليمون أو عصارة البندورة أو في أي وسط حمضيّ على لونها لأنّ الحامض يمنع تغيّر اللون. 

الأخضر: تكتسب الخضار ذات اللون الأخضر مثل البروكلي والبازلاء والسبانخ من مادة الكلوروفيل التي تتركّز وظيفتها في المساهمة في استيعاب النبتة للطاقة الشمسيّة لإنتاج السكّريّات من خلال عمليّة التمثيل الضوئيّ. الكلوروفيل موجود داخل الخلايا النباتيّة في العضيات المسماة كلوروبلاستيدات. الوسط الحمضيّ والحرارة هي أعداء اللون الأخضر. تلين حيطان الخلايا مع التسخين وتصاب جدران الكلوروبلاستيدات ويتدفّق الكلوروفيل إلى داخل الخليّة. تكفي كمّيّة قليلة جدًّا من الحمض الموجود في سوائل الخلايا لتغيير مبنى الكلوروفيل وتَحوُّل لون الخضار الخضراء من الأخضر المميّز إلى لون داكن.  يستحسن استخدام طرق الطهي السريعة كالقلي والتبخير لتجنّب فقدان الخضار لونها الأخضر. هذا هو مصدر التوصية بنقع الخضار الخضراء في الثلج فورًا بعد انتهاء طهيها لإيقاف انطلاق الكلوروفيل من الكلوروبلاستيدات. 

تجدر الإشارة إلى ما يحدث عند إضافة صلصة الفينيجريت، التي تحتوي على الزيت والخل أو عصارة الليمون إلى الخسّ. يُغلِّف الزيت أوراق الخسّ ويحميها من الحمض في المرحلة الأولى. لا تدوم هذه الحماية وقتًا طويلًا إذ يذيب الحمض الطبقة الزيتيّة التي تُغلّف الأوراق تدريجيًّا فتنكشف الخلايا للحمض الذي يتغلغل إليها ويؤثّر على اللون.  

الأصفر والبرتقالي: ينجم لون الجزر والقرع والبطاطس البرتقالي عن مواد من عائلة الكيراتينوئيدات. تقاوم هذه المواد الحمض وتحافظ على لونها في الوسط الحامضيّ.

אישה מבשלת עם ביצים, חמאה ולימונים | Shutterstock, Fortyforks
تؤثر الأحماض، مثل عصارة الليمون، على مذاق و ملمس ومظهر الطعام. تستخدم هذه السيدة البيض والزبدة والليمون في عملية الطهي. | Shutterstock, Fortyforks

ملمس من الحموضة

تحافظ الخضار والفواكه على ملمسها في الوسط الحامضيّ. مادّة السليلوز هي أحد المُكوّنات الرئيسيّة في جدار الخلايا النباتيّة وهي عبارة عن سلاسل طويلة من وحدات من سكّر الجلوكوز المترابطة فيما بينها. تُكسِبُ مادّة السليلوز ثمار الخضار والفاكهة مبنىً متينًا وثابتًا. يؤدّي التسخين إلى تناثر سلاسل متعدّد السكر (السليلوز) داخل السوائل التي تحيط بها ويلين ملمس الثمرة وتصبح أكثر طراوةً. تحافظ الخضار والفواكه على ثباتها حتّى بعد ساعات من الطهي في الوسط الحامضيّ الذي يحافظ بدوره على مبنى السليلوز. من هنا يُستحسن طهي الخضار والفواكه حتى تلين لتكتسب الملمس المرغوب قبل إضافة صلصة البندورة أو النبيذ أو أيٍّ من المكونات الحامضيّة الأخرى. ويستحسن إضافة المكونات الحمضيّة في بداية عمليّة الطهي إذا أردنا المحافظة على ملمسٍ متينٍ للطعام، مثل إضافة قطع البصل غير المطبوخ إلى صلصة البندورة في حالة الغليان ليبقى هشًّا ومتينًا مع الطهي المتواصل.

توجد أهمية كبيرة لأن يكون الوسط قاعديًّا بالذات، بخلاف الخضار والفواكه، عند طهي البقوليات. يجب نقع البقوليات داخل الماء كي تلين ويمتصّ النشا الذي في الخلايا الماء وينتفخ. تؤدّي إضافة صودا الشرب، مادّة قاعدية لها pH عالٍ، إلى تقليل ملحوظ في مدّة نقع البقوليّات داخل الماء. يعمل الوسط القاعدي على كسر السليلوز في جدران الخلايا وتليين البقوليّات. يستحسن التقليل من كمّيّة صودا الشرب المضافة إلى البقوليات لأنّها تضفي مذاقًا مرافقًا "معدنيًّا" مزعجًا. 

وتوجد أهمّيّة لخزن الغذاء لمدّة طويلة. يتلف الغذاء نتيجةً لتكاثر البكتيريا أو الفطريات أو الكائنات الدقيقة الضارّة الأخرى فيه. يتوقّف تكاثر الكثير من هذه الكائنات داخل الغذاء في حال انخفضت قيمة الـ pH تحت حدٍّ معيّن وأصبح الوسط عالي الحموضة. يمكن، لذلك، إطالة مدّة حفظ الغذاء من التلف عن طريق زيادة درجة حموضتها. 

يمكن أن تستخدم درجة الحموضة أو القاعديّة في مراقبة عمليّات إنتاج الغذاء. يتعلّق تحضير الياجورت مثلًا بخفض قيمة pH الحليب. تفقد بروتينات الحليب من هيكلها الفراغيّ وتتبلور عند انخفاض الـ pH إلى قيمة أقلّ من 6. يُعجَّل تبلور البروتينات مع تعاظم الحموضة نتيجة للنشاط البكتيري. يتوقّف نشاط البكتيريا عندما تصل درجة الـ pH إلى 3 تقريبًا ويتوقّف معه تبلور البروتينات. يمكن أن يكتفي، بناءً على ذلك، منتجو الغذاء بقياس درجة  pH المُنتَج والتحقّق من اكتمال استحضار اليوجورت دون تذوّق طعمه أو حتّى النظر إليه. 

يدلّ الطعم الحامض، أحد المذاقات الأساسيّة، على وجود الحمض في الغذاء. وتشير الحموضة في كثير من الحالات إلى تلف الغذاء بسبب نشاط بكتيريّ فيه. يضفي، من جهة أخرى، المذاق الحمضيّ الخفيف شعورًا ممتعًا لطيفًا جذّابًا في الفم ومنعشًا عندما تكون درجة الحموضة مقبولة و بالمقدار المناسب.

صحتين.

 
 

0 تعليقات