مَن منّا لم يسمع عن مرض السّرطان وأشكاله العديدة؟ لكن هل خطر في بالكم التوقّفُ لمحاولة فهم كيف يتطوّر؟ الفيلم الذي أمامنا يصف تطوّر المرض من مرحلة الخليّة الخبيثة الأُولى، مرورًا بتطوّر الورم وكيفيّة تجنيده لموارد الجسم، وحتّى إرساله انبثاثات إلى أعضاء أُخرى.
تمّت ترجمة الفيلم من قِبَل طاقم دافيدسون عبر الإنترنت
We would like to thank Ms. Jennifer Bricken for all of her help
ليس السّرطان بمرضٍ واحد، بل مجموعة لأكثر من مائتي مرضٍ مختلفٍ، يكون القاسمُ المشترك لجميعها هو مجموعةُ خلايا في الجسم تبدأ بالانقسام بدون رقابة. انقسامُ الخليّة هو عمليّة تخضع لرقابة صارمة تحدث في جسمنا بدون توقّف. عندما يلحق ضرر بخليّة أيًّا كانت، وتفقد آليّةً تنظّم عمليّة الانفصال عن خليّة الأُم، بما فيه الضّرر الّذي لحق بها، فلذلك يكون انقسامُها دون رقابة.
عندما تنقسم الخليّة بوتيرة عالية، يزداد احتمال نسخ الأخطاء في المادّة الوراثيّة، ولذلك تتراكمُ، أكثر وأكثر، الطّفراتُ الّتي تمكّن الخلايا السّرطانيّة من التغلّب على العراقيل، مثل آليّة الموت الخلويّ المخطّط (الاستماتة او أبوبطوزيس)، وفعاليّة أجهزة المناعة في الجسم (خلايا T) ضدّها، وأجهزة الرّقابة على إنتاج الهورمونات (الّتي تتيح للجسم زيادة وتيرة إنتاج الخلايا وتجنيد موارده) وغير ذلك. يستطيعُ جهازُ المناعة عندنا تشخيصَ الخلايا السّرطانيّة وتدميرَها، لكنّه أحيانًا يكتشفُ وجود الخلايا متأخّرًا، بعد أن طوّرت مناعةً أو أنّ وتيرة انقسامها أسرع من الوتيرة الّتي ينجح جهاز المناعة في تدميرها.
يبدأُ المرض، كما أسلفنا، من خليّة وحيدة فقدت الآليّات الّتي تكبح انقسامها. بعد فترة من الزّمن تتطوّر هذه الخليّة إلى مجموعة خلايا تسمّى ورمًا. الورم بحاجة لتزويده بالأُكسجين، وبالطّاقة (السكّر)، وبموادَّ خامٍ لضمان بقائه وتكاثره. لهذا لغرض يفرز هورموناتٍ خاصّةً تجذب الأوعية الدّمويّة لتمتدَّ في اتّجاهه لتزوّده بكلّ الموادّ الّتي يحتاجها. عمليًّا، يخدعُ الورمُ الجسمَ، ويستعملُ مواردَهُ حتّى يستمرّ في النّمو. هذه العمليّة تسمّى "أنغيوغينيزا" (Angiogenesis).
مع الزّمن، تُطلق خلايا سرطانيّة إلى الدّورة الدّمويّة، من خلال الأوعية الدّموية الجديدة الّتي تكوّنت، وتنتج أورامًا جديدةً في أماكن أُخرى في الجسم. هذه الأورام تسمّى انبثاثات، وتسمّى العمليّة "ميتاستازيس" او نقيلة ويقصد بها انتقال الخلايا السرطانية من عضو إلى آخر.
طالما وُجد مرض السّرطان في مرحلة الخليّة الوحيدة، يمكنُ ببساطة، إزالته بعمليّة جراحيّة والقضاء عليه. لكن يكفي انطلاقُ خليّة واحدة إلى الدّورة الدمويّة ووصولها إلى منطقة أُخرى في الجسم لمعاودة المرض.
حاليًّا توجد وسائل عديدة لعلاجِ السّرطان، بدءًا بأساليبَ عامّةٍ مثل العلاج الكيميائيّ (علاج بأدوية توقِفُ انقسام الخلايا داخل الجسم)، وبالأشعّة (التسّبّب بضررٍ قاتلٍ لكتلة الخلايا بواسطة أمواج إشعاعيّة)، ونهايةً بأساليب محدّدة مثل قتل الخلايا ذات الميزات الخاصّة للسّرطان بواسطة أجسامٍ مضادّة، أو منع إنتاج أوعية دمويّة جديدة في محاولة "لتجويع" الورم.