كيف يتمّ تطبيق أساليب مُحتلَنة لتصنيف الكائنات الحيّة على حيوانات هاري بوتر العجيبة؟ وما علاقة الهجرة بين القارّات وبين الحقيقة أنّ الجنيّات تعيش فقط في كورنوال؟

منذ وقت طويل وقبل أن تكشف لنا جي كي رولينغ الماغل Muggle،  عجائب عالم السحر الّذي يحدث بالفعل تحت أنظارنا، كان هناك مَن عرف كيف يندهش من عجائب الطبيعة الّتي حولنا. مع مرور الزمن تعلّمنا كيف تتطوّر الحيوانات وتتغيّر، ووجدنا الوسائل لِتصنيفها ووصفها وأدركنا مكاننا بينها. على الرغم من خصائصها السحريّة الفريدة، فإنّ الحيوانات العجيبة هي جزء من الطبيعة. مثل حيوان الحزاميّات وخُلدُ الماء، يخضع الباسيليسك (الأصلة) والبشتزابين السرطانيّ لقوانين التطوّر ويخضعون لعمليّات انتقاء طبيعيّة، ومثل الجرابيّات الأستراليّة، تأثّر انتشار العملاق الجبليّ في الدول الاسكندنافيّة بسبب الانجراف القاريّ. وَجميعها بدون استثناء من المفروض أن تندمج مع شجرة الأنساب المركّبة للحياة على الكرة الأرضيّة.

تصنيف الحيوانات

حاول البشر دائمًا تصنيف الكائنات الحيّة المتواجدة حولهم. أرسطو، على سبيل المثال، صنّف الكائنات الحيّة- والطبيعة كلّها- بشكل هرميّ، من الأكثر كمالًا بنظره إلى الأقلِّ كمالًا. تواجدت الآلهة في أعلى سلّم الهرم، يليها بنو البشر، الثديّات الأخرى، السنجاب الطائر الّذي حصل بطريقةٍ ما على فئته الخاصّة، ومن ثمّ الخفافيش والطيور، الأسماك، الزواحف، الحيوانات المدرّعة، الحشرات، النباتات، الطحالب، الفطريّات، الأحجار، الأملاح، المعادن وأخيرًا- الأرض.

اقترح عالِم الأحياء السويديّ كارل فون بينا عام 1735م طريقة تصنيف منظمّة أكثر، اقترح أن يَتبع كلّ مخلوق حيّ لنظام هرميّ يبدأ بممالك كالحيوانات، النباتات والفطريّات، ويستمرّ إلى الأنظمة، الفِئات، السلسلات، العائلات وينتهي عند مستوى النوع المحدّد. هذه الطريقة، الّتي تُسمّى طريقة لينيوس، مُستخدمة منذ سنوات عديدة، لكن لديها مشكلة جديّة، بسبب كونها طُوِّرت  قبل أن يفهم العلماء كيف تتشكّل الأنواع وتتغيّر، فهي لا تستند إلى فهم المراحل التطوّريّة. 

تعتمد طريقة تصنيف لينيوس على مفاتيح تصنيف تُمكّنها من تقسيم الكائنات الحيّة إلى مجموعتين في نفس الوقت؛ واحدة من كائنات حيّة ذات ميزة معيّنة، والأخرى مجرّدة من نفس   الميزة. هكذا يستمرّ التقسيم حتّى الوصول إلى التعريف الدقيق للكائن الحيّ. على سبيل المثال، إذا واجهتم مستذئبًا (كائن خرافيّ) وَأردتم أن تميّزوه عن كائنات أخرى، فإنّ استخدام مفاتيح  التصنيف يمكن أن يساعدكم. اسألوا البروفيسور سنايب، الّذي طلب من التلاميذ كتابة مقال كامل حول هذا الموضوع كجزء من واجباتهم المدرسيّة. بالطبع، في الحالة الخاصّة للمستذئب، على الأغلب عندما تُقابلونَه، سيكون التصنيف والتعريف الدقيق شاغلكم الأخير في تلك اللّحظة.

דיאגרמת מיון צמחים על פי לינאוס, שכתב הבוטניסט רוברט ג'ון ת'ורנטון | Humanities And Social Sciences Library, New York Public Library, Science Photo Library
تعتمد طريقة تصنيف لينيوس على مفاتيح للتصنيف تسمح بتقسيم الكائنات الحيّة إلى مجموعتين في وقتٍ واحد. رسم تخطيطيّ لتصنيف النبات حسب لينيوس، كتبَه عالِم النباتات روبرت جون ثورنتون | Humanities And Social Sciences Library, New York Public Library, Science Photo Library

عِوضًا عن ذلك، يمكن ترتيب كلّ الكائنات الحيّة في شجرة عائلةٍ كبيرة تُسمّى " شجرة التطوّر" أو "شجرة النشوء والتطوّر" (علم تطوّر السلالات: مجال في علم الأحياء يختصّ في العلاقات التطوريّة بين الكائنات الحيّة). في قاعدته يتواجد سَلف البدائيّات لجميع الكائنات الحيّة على الأرض، والفروع تمثّل السلالات الّتي انبثقت منه. عندما نرتفع من الجذور باتجاه أطراف الفروع، نتقدّم في محور الزمن بشكل فعليّ. الفرع الحيويّ- Clade، هو مجموعة تضمّ الأسلاف القدامى وكلّ نسلهم- أولئك الموجودين اليوم وأيضًا أولئك الّذين انقرضوا. 

عندما نفهم مراحل التطوّر، من السهل القول إن كانت مجموعة الأنساب هي "فرع حيويّ". تخيّلوا أنّكم تقطعون أغصان من شجرة التطوّر- كلّ الأجناس المتواجدة على الغصن هي "فرع حيويّ" واحد. تتداخل مجموعة من "الفروع الحيويّة" ببعضها البعض وتشكّل هيئة متدرّجة، بحيث كلّ فرع منها يشكّل فروعًا فرعيّة، وهي تُعتبر أيضًا مجموعة "فرع حيويّ". يمكن لفرع حيويّ واحد أن يحتوي على آلاف الأنواع، أو على عدد قليل فقط من الأنواع عندما يتعلّق الأمر بالفروع الخارجيّة لِأغصان الشجرة.

طريقة عِلم تطوّر السلالات هي طريقة تصنيف جديدة نسبيًّا، تعكس التاريخ التطوريّ للأنواع. في هذه الطريقة، تُعطى الأسماء فقط لِلفرع الحيويّ- مجموعات من المخلوقات الّتي لها سلفٌ مشترك؛ هذا هو سبب تسميتها بالتصنيف التفرّعيّ Cladistics. اليوم، يستخدم معظم علماء الأحياءِ طريقة التصنيف التفرّعيّ وطريقة التصنيف اللينيّة الّتي سبقتها. عندما تتمّ عمليّة تصنيف الحيوانات اليوم، هناك تركيز أكبر على تحديد أوجه التشابه الجينيّ والوراثيّ بين الكائنات، وبشكلٍ أقلّ على شكلها وصفاتها. الهدف هو تحديد مكان كلّ كائن في شجرة سلالة عائلته ومدى قربه من الكائنات الأخرى. إذا نظرنا إلى الشجرة التطوريّة للكائنات الحيّة، نجد أيضًا بين جيراننا المقرّبين؛ الفأر، الجرذ والأرنب.   

עץ אבולוציוני, או פילוגנטי, של בעלי החוליות | Spencer Sutton, Science Photo Library
تعكس طريقة علم تطوّر السلالات التاريخ التطوّريّ للأنواع. شجرة تطوّريّة، شجرة النشوء والسلالات للحيوانات الفقاريّة | Spencer Sutton, Science Photo Library

 

هيّا لننظّم ترتيب الحيوانات العجيبة       

كيف سيتمّ ضمّ الحيوانات العجيبة في هذا التصنيف؟ في مقال علميّ لعدّة باحثين ومن بينهم نيوت سلامندره، وهو مؤلّف كتاب "الحيوانات العجيبة وأين يمكن إيجادها"، حاولوا بناء شجرة تطوّريّة لِلحيوانات العجيبة. فقاموا بأخذ عيّنات، قدر المستطاع، من الحمض النوويّ من الحيوانات العجيبة ومن حيوانات عاديّة قريبة منها. خضعت العيّنات لعمليّة تَسلسل جينيّ، ممّا يعني تحديد ترتيب القواعد في حمضها النوويّ- DNA، في قسم علم الوراثة والمعلومات الحيويّة في وزارة السحر، والّذين يدّعون أنّها " تشبه أيّ قسم بيولوجيّ في جامعة عامّة ولكن مع عدد أكثر من العفاريت".

أظهرت الدراسة عدّة استنتاجات مثيرة للاهتمام: تبيّن على سبيل المثال، أنّ الحيوانات العجيبة هي بالأساس من الفقاريّات، مثلنا ومثل الطيور والأسماك، أو من مفصليّات الأرجل مثل الحشرات وسرطان البحر. كما أنّ معظمها قريب جينيًّا ووراثيًّا من الحيوانات العاديّة. على سبيل المثال، الكوينتابد- Quintaped من الحيوانات المفترسة والخطيرة جدًّا، ويفضِّل بشكل خاصّ افتراس الإنسان، ولحسن حظّ البشريّة، يقتصر انتشاره في جزيرة درير بالقرب من اسكتلندا. اتّضح أنّه قريب وراثيًّا للإنسان- ولا عجب في ذلك، لأنّه وفقًا للأسطورة تمّ خلقه من أفراد عائلة مكبون الّذين تمّ سحرهم، ومنذ ذلك الحين تجنّب الكوينتابد Quintaped كلّ محاولةٍ لإعادة شكلهم البشريّ.

الدوميغوس Demiguise هومخلوقٌ مختلف تمامًا تعيش فصيلته في الشرق الأقصى. تُعتبر الدوميغوس مخلوقات نباتيّة وهادئة والّتي تذكّرنا بالقردة اللطيفة، وقد وجد باحثو وزارة السحر أنّها من سلالة الغوريلا. إنّ الدوميغوس قادرٌ على إخفاء نفسه عندما يتعرّض للتهديد، لذلك هناك طلب كبير على جلود الدوميغوس الّتي يمكن أن تُنسج منها عباءات الخفاء. بينما، الثور الضخم ذو البشرة الذهبيّة، والّذي يُسمّى بالمها الذهبيّ، يشبه جينيًّا الغزال المسكيّ. إنّ شرب دم المها، المنتشر في الشرق الأقصى وأمريكا الشماليّة، يمنح قوّة بدنيّة هائلة.

פסל של ההיפוגריף באקביק באולפני האחים וורנר | marleyPug, שאטרסטוק
الكثير من الحيوانات العجيبة هي من الفقاريّات، حيوان الهيبوغريف بالتأكيد واحدٌ منها، لكن هل هو طائر أم من الثديّات؟ غير واضح. تمثال لحيوان الهيبوغريف  في استوديوهات الإخوان فارنر  | marleyPug

من بين الأمور الّتي يشملها نظام مفصليّات الأرجل البشتزابين السرطانيّ ، وهو حيوان أرضيّ يتواجد بشكل أساسيّ على الشواطئ الصخريّة في أوروبا. على عكس سرطان البحر والّذي يعدّ من فصيلته، فهو غير صالح أن يكون طعامًا لبني البشر؛ لأنّ أكل لحمه يسبّب ارتفاع درجة حرارة جسم الإنسان وظهور طفح جلديّ أخضر قبيح المنظر. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ للدغة البشتزابين أثرًا جانبيًّا مؤسفًا جدًّا: يصيب الضحيّةَ حظٌّ سيئٌ لمدّة تصل إلى أسبوع بعد الإصابة.

وأخيرًا التشيزبورفل Chizpurfle وهو طفيليّ صغير يبلغ طوله مليمترًا ونصفًا، يشبه السرطان، وهو شائعٌ ويتمتّع بفكّين. يميل حيوان التشيزبورفل إلى مهاجمة الأجهزة الكهربائيّة، وهو التفسير لمشاكل محيّرة في أجهزة كهربائيّة جديدة، والّتي بالتأكيد قد صادَفتموها عدّة مرات. 

פסל הרעגוג באולפני האחים וורנר | Michaela Warthen, שאטרסטוק
تنتمي حيوانات عجيبة أخرى لمفصليّات الأرجل، مثل الأراجوج، العنكبوت العملاق الّذي قام هاجريد بِتربيته كحيوان أليف. تمثال الأراجوج في استوديوهات الإخوان فارنر  | Michaela Warthen

 

الانجراف القاريّ

تنتشر الحيوانات على الكرة الأرضيّة بشكل مختلف، وكذلك أيضًا انتشار الحيوانات العجيبة. الجرابيّات على سبيل المثال، تعيش في أمريكا الجنوبيّة، أُستراليا وغينيا الجديدة- وتبعد في هذه الأيام آلاف الكيلومترات عن بعضها البعض. زيادةً على ذلك، لا يوجد دليل على عبور الجرابيّات المحيط سباحةً  أو برحلةٍ بحريّة على زوارق عائمة من الأغصان، ولا يوجد ما يشير إلى أنّها هاجرت عبر القارّة الآسيويّة، ولا توجد طرق انتقال أخرى معروفة بين المناطق الجغرافيّة البعيدة لقارّتَي أُستراليا وأمريكا. إذا كان الأمر كذلك، كيف انتشرت الجرابيّات من مكان معيشة الجيل الأوّل إلى مناطق معيشتها الحاليّة؟

تقدّم لنا طريقة توزيع الكائنات الحيّة على وجه الكرة الأرضيّة أدلةً على تاريخها وتاريخ سطح الكرة الأرضيّة. تنضمّ هذه النتائج إلى فسيفساء لا تشمل فقط عمليّة التطوّر للحياة وإنّما تشمل أيضًا الانجراف القاريّ.

في بداية عمليّة رسم الخرائط الجغرافيّة الأوّليّة لسواحل المحيط الأطلسيّ، في أوائل القرن السابع عشر، أدركَ العلماء أنّ هناك تطابقًا رائِعًا بين مسار سواحل غرب إفريقيا والساحل الشرقيّ لأمريكا الجنوبيّة. في منتصف القرن التاسع عشر، كان هناك مَن قدّم فكرة بدت خياليّة في ذلك الوقت، والّتي بموجبها كانت القارّتان في السابق جزءًا من كتلةٍ واحدة، والّتي انقسمت بأعجوبةٍ إلى قارّتين  منفصلتين. لقد احتاجت هذه الفكرة في ذلك الوقت إلى انقلاب ذهنيّ؛ لأنّه حتّى ذلك الوقت كان واضحًا للجميع أنّ قشرة الأرض، بكلّ أجزائها البريّة والبحريّة، ثابتة وعديمة الحركة. لذلك تبدو هذه الفرضيّة منفصلةً عن الواقع وغير معتمدة على المنطق العلميّ.

في عام 1912، صرّح الجيولوجيّ ألفريد فيجنر (Wegener) لأوّل مرّةٍ نظريّة الانجراف القاريّ. في الماضي البعيد، ادّعى أنّ جميع القارّات كانت جزءًا من قارّةٍ واحدةٍ كبيرة، والّتي أطلق عليها اسم "بانجيا" والّتي تعني باليونانيّة " أيّة قارّة". مع مرور الوقت، انقسمت هذه القارّة الأوّليّة إلى كتلٍ بدأت تتحرّك وتبتعد ببطء. وهكذا ظنّ فيجنر القارّات نوعًا من العوّامات الصخريّة الضخمة الّتي تبحر في اتّجاهات مختلفة، وحتّى مناخها يتغيّر تدريجيًّا أثناءَ رحلتها، طبقًا لموقعها الجغرافيّ. نُشرَ مقالهُ العلميّ في سنة 1915، وكانت ردود الفعل في الأوساط العلميّة في حينها اللامبالاة من قِبل البعض والانتقاد الشديد من قبل آخرين. 

يتّفق اليوم معظم الصرح العمليّ على أنّ فيجنر كان على حقّ، في الماضي كانت جميع القارّات مرتبطة بِالقارّة بانجيا الكبيرة، الّتي كانت محاطة بالمحيط وعلى ما يبدو أنّها انقسمت قبل 200 مليون سنة. في المرحلة الأولى، انقسمت بانجيا إلى قارّتين فرعيتين، الشماليّة- أوراسيا، والّتي تضمّ قارّة أوروبا، آسيا وأمريكا الشماليّة الحاليّة. الجنوبيّة- غندوانا، والّتي تضم أفريقيا، أُستراليا، أمريكا الجنوبيّة، القارّة القطبيّة والهند. بعد مرور وقت ليس بطويل انفصلت الهند عن الكتلة الجنوبيّة وشرعت في رحلة دامت 20 مليون سنة نحو القارّة الآسيويّة. 

عندما يتمّ فهم ذلك، يكون من السهل تفسير ظاهرة انتشار الجرابيّات في قارّاتٍ مختلفة. لقد تكاثرت في بداية الأمر عندما كانت القارّات متّصلة، بحيث لم تنتقل من قارّةٍ إلى قارّةٍ أخرى، إنّما انتقلت القارّات وحملت الجرابيّات معها.

מפות של כדור הארץ מלפני 200 מיליון, 135 מיליון ו-35 מיליון שנים מראות את התפרקותה של פנגיאה | Claus Lunau, Science Photo Library
في الماضي، كانت جميع القارّات مرتبطة بقارّة بانجيا الكبيرة، والّتي انقسمت على ما يبدو قبل 200 مليون سنة. تُظهِر خرائط الكرة الأرضيّة منذ 200 مليون، 135 مليون و35 مليون سنة تفكّك قارّة بانجيا |  Claus Lunau, Science Photo Library

 

الفراشات، الجنيّات والبوجربين 

ليس من المستغرب أنّ الانجراف القاريّ مرتبط ارتباطًا وثيقًا بعمليّة التطوّر لدى الحيوانات العجيبة. تخيّلوا أنّ الحيوانات العجيبة الّتي تشبه الفراشات، مثل: الجنيّات، الحوريّات، الدوكسي - Doxy، الشياطين والعفاريت Grindylow، جميعها في الواقع عبارة عن حشرات تشبه البشر، والّتي تقدّم مثالًا رائعًا للتطوّر المتقارب: تطوّر سمات متشابهة بشكل سطحيّ في كائناتٍ من أصل مختلف وغير مرتبطةٍ الواحدة بالأخرى.    

يُعتقَد أنّ الانقسام بين الفراشات والأجيال السابقة حدث قبل حوالي 200 مليون سنة، حين هاجرت الدوكسي Doxy من بريطانيا إلى أمريكا الشماليّة. في المقابل، لم تهاجر الكائنات الأخرى في المجموعة خارج الجزر البريطانيّة، بطريقةٍ تجسّد جيّدًا العزلة الجغرافيّة للسكّان الّذين يعيشون على الجزيرة. كيف جاء الدوكسي Doxy من بريطانيا إلى أمريكا الشماليّة؟ هناك تفسير يظهر أنّها انفصلت عن الفراشات قبل اكتمال الفصل بين القارّات. على غرار ذلك، ربّما يكون الدوكسي Doxy قد قطع المسافة القصيرة نسبيًّا والّتي فصلت موطنهم الأصليّ في بريطانيا عن أمريكا الشماليّة. في ظلّ عدم وجود بقايا أحفوريّة لِلحيوانات العجيبة، من الصعب استخلاص نتيجةٍ واضحة. 

تبيّن أيضًا أنّه في مرحلةٍ ما من مرحلة التطوّر كان هناك انقسامٌ بين العفاريت الصغيرة imps والجنيّات: كان لهم سلفٌ مشترك، عبر نهر تمار الّذي يفصل كورنوال عن بقيّة أجزاء بريطانيا. في وقت لاحق، توسّع النهر وتشكّلت جزيرة، ثمّ ارتبطت مرّة أخرى. في الوقت الّذي كانت كتلة كورنوال منفصلة عن بقيّة أجزاء انجلترا، تشكّل  نوعان منفصلان؛ لذلك تعيش الجنيّات فقط في كورنوال.

ציור של פיה על עלה של שושנת מים | Ironika, שאטרסטוק
الانقسام الّذي حصل بين الفراشات وأسلاف الجنيّات، العفاريت وأكثر من ذلك والّذي حدث قبل حوالي 200 مليون سنة. صورةٌ لجنيّة على ورقة نيلوفر | Ironika

 

شبيهو البشر

هناك مجموعة أخرى يشير إليها لينيوس بالتأكيد على تشابهها الخارجيّ بين أعضائها، هي مجموعة المخلوقات العجيبة الشبيهة بالإنسان. عمليًّا، يتمّ تقسيمها لاثنين من الفروع الحيويّة. أحدهما يشمل نومي gnome- ،حُمر الشعر، الليبريكان (مخلوق أسطوريّ) ، بينما يشمل الآخر جانّ الغابة، العملاق الجبليّ والبوجربين Pogrebin.

أصل الفرع الحيويّ الأوّل هو من نومي gnome- مخلوقات شبيهة بالبطاطا ذات الأرجل، الّتي تعيش في جحور حدائق السحرة. من المهم أن نبيّن أنّها في الأصل لم تحفر الجحور، وتفضيلها للنزول تحت الأرض قد نشأ لديها، حسب الفرضيّة، كردّة فعل للضغط الّذي واجهته خلال مراحل التطوّر لديها بسبب الحاجة إلى الهروب من مُفترستها الرئيسيّة- الجارفي Jarvey. هذه الحيوانات تشبه النمس، قادرة على الكلام لكنّها تفضّل الشتائم، وتتغذّى بشكل رئيسيّ على حيوان النومي ولكن أيضًا على الثديّات الصغيرة غير المسحورة.   

تطوّرت هذه الميزة بالتوازي وبطريقةٍ مشابهة جدًّا لحُمر الرأس، الّذين يعيشون أيضًا في الجحور، ولكنّهم يفعلون ذلك في ساحات القتال المهجورة- مثال آخر على مرحلة تطوّر متقاربة. تشكّلت  حُمر الرأس عندما أصبحت بعض أسلافها آكلةً للجِيَف وتتغذّى على دماء حيوانات من جنسها. في كلتا الحالتين، يبدو أنّ نومي gnome هاجرت من أوروبا إلى أمريكا الشماليّة، عبر الجسور البريّة عندما كانت القارّتان لا تزالان متّصلتَين ببعضهما البعض، أو ربّما عرفت السباحة. كما يبدو كان لِلّيبريكان تطوّرٌ متأخّرٌ قليلًا. يبدو أنّهم انتقلوا من أوروبا إلى بريطانيا ومن هناك إلىإيرلندا عبر الجسور البريّة، قبل ظهور الإنسان، وربّما كان لهم سلفٌ مشترك للإنسان (Homo sapiens).

פסל של גמדון הבית דובי באולפני האחים וורנר | Tero Vesalainen, שאטרסטוק
من النوميّ gnome؟ أو من جانّ الغابة، تمثال لقزم البيت في استوديوهات الإخوان فرنر | Tero Vesalainen     

 
مخلوقات الفرع الحيويّ الثاني شائعة في مناطق مختلفة من شمال أوروبا: يعيش جانّ الغابة بشكل خاصّ في ألمانيا، العملاق الجبليّ في الدول الاسكندنافيّة والبُوجربين Pogrebin في روسيا. حسب الفرضيّة، فهم وصلوا إلى أوروبا قبل الإنسان، وبعد ذلك حدثت منافسة بينهم وبين الإنسان على مساحة المعيشة. عندما وصل الإنسان إلى شمال أوروبا، كان في الواقع هو الجنس الّذي احتلّ موطنًا  لأجناس أخرى. على الرغم من أنّ الإنسان لم يكن لديه شبهٌ جينيٌّ للأنواع الّتي سبقته، إلّا أنّه تنافس معهم على نفس الموارد، ممّا شكّل تهديدًا للمخلوق الّذي كان السلف المشترك لهم جانّ الغابة، العملاق الجبليّ والبُوجربين. في مثل هذه الحالات، عادةً ما تظهر عمليّتان: المخلوق الّذي كان موجودًا من قبل، يتطوّر إلى أنواعٍ جديدة، كلٌّ منهم يجد لنفسه حلولًا للبقاء على قيد الحياة أمام التحدّي الّذي يشكّله الجنس الّذي احتلّ موطنه. ولأنّ ذلك لا يتمّ دائمًا بنجاح، فإنّ بعض السكّان الأصليّين ينقرض بكلّ بساطة.

كيف ستتطوّر الحيوانات العجيبة في المستقبل؟ كيف سيتأثّر انتشارها جرّاء الانجراف القاريّ؟  انظروا إلى كُرَتِكم البلّوريّة وتَنبّؤوا أحداث المستقبل.

0 تعليقات