أظهرت الأبحاث أنّ نوع القماش ولون الملابس يمكن أن يؤثّرا في احتماليّة التعرّض للدغة البعوض
لطالما ارتبط حلول فصل الصيف بلدغات البعوض. يُعرف أنّ أنثى البعوض هي الّتي تلدغ، وليس الذكر، وذلك لأنّها تقوم بامتصاص الدم واستخراج البروتينات الضروريّة لنموّ بويضاتها. عندما تلدغ أنثى البعوض، تقوم بإفراز لعابًا يحوي بروتينات تمنع تخثّر الدم، ما يتسبّب في الإحساس بالحكّة وتورّم منطقة اللدغة، وذلك كردّ فعل الجهاز المناعيّ تجاه هذه البروتينات.
يمكن لإناث البعوض تحديد ضحيّتها بفضل قدرتها على استشعار الحرارة والموادّ الكيميائيّة المنبعثة من الجسم أثناء التنفّس والتعرّق، بما في ذلك ثنائي أكسيد الكربون بتركيز عالٍ. ينبعث ثنائي أكسيد الكربون، أحد نواتج عمليّة التنفّس، من جميع الكائنات الحيّة، بما في ذلك الحيوانات ذوات الدم الحارّ، والّتي تعدّ الهدف الرئيس للبعوض. تخترق البعوضة الجلد بواسطة خرطومها المكوّن من ستّة أجزاء حادّة ومرنة تشبه الإبر، والّتي تكون قادرة على تحديد الأوعية الدمويّة.
من اليمين إلى اليسار: البعوض المنزليّ، بعوضة الأنوفيليس، وبعوضة النمر |Fabrizio Montarsi / Wikimedia; James Gathany, Pablo Cabrera / CDC
ناقلات الأمراض الفتّاكة
يُعتبر البعوض المنزليّ (Culex pipiens)، بعوضة الأنوفيليس (Anopheles)، وبعوضة النمر المعروفة باسم بعوضة النمر الآسيويّ (Aedes albopictus)، من بين البعوض الأكثر شيوعًا في إسرائيل. ومن بينها، يُعدّ البعوض المنزليّ أكثرها انتشارًا. هناك أنواع معيّنة من البعوض قادرة على حمل الأمراض ونقلها إلى البشر عبر اللدغة، مثل بعوضة الأنوفيليس وبعوضة النمر. ينقل البعوض في جميع أنحاء العالم، ضمن أمراض أخرى، الملاريا وحُمّى الضنك (Dengue fever)، حُمّى غرب النيل (West Nile fever) وزيكا. تسبّب لدغات البعوض في وفاة أكثر من 700 ألف شخص سنويًّا، ما يجعل البعوض من بين الحيوانات الأكثر فتكًا في العالم.
في السنوات الأخيرة، تمّ بذل جهود للحدّ من انتشار البعوض وبالتالي منع انتقال الأمراض من خلال مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك تجفيف مصادر المياه، مكافحة الآفات، والإضرار بقدرة البعوض على التكاثر. يمكن للجميع حماية أنفسهم من لدغات البعوض، على سبيل المثال باستخدام مستحضرات طاردة للبعوض، ولكن أبسط طريقة هي ارتداء ملابس طويلة تغطّي الجلد وتحميه.
طريقة مقبولة للحماية من اللدغات. شخص يرشّ طارد البعوض على نفسه | Simon Kadula, Shutterstock
الألوان والأقمشة الّتي تمنع اقتراب البعوض
هل يمكن أن يحمي لون القماش الّذي نرتديه من لدغات البعوض؟ يبدو أنّ هناك تأثيرًا للون القماش الّذي نرتديه في جاذبيّة البعوض له. يفضّل البعوض الألوان الداكنة مثل الأسود، الأزرق الداكن، والأحمر. فبالإضافة إلى حاسّة البصر، يحدّد البعوض هدفه استنادًا إلى الحرارة، ثنائي أكسيد الكربون، الروائح وإشارات أخرى. يعود ذلك لكون الألوان الداكنة تمتصّ الضوء، فتسخن بسهولة أكبر، الأمر الّذي يجذب البعوض. أظهرت الدراسات أنّ البعوض يفضّل الاقتراب من اللون الداكن بوجود ثنائي أكسيد الكربون، أمّا بعدم وجود ثنائي أكسيد الكربون، فلم يكن للّون أيّة أهميّة. وأظهرت دراسة أخرى أنّ البعوض يفضّل ألوانًا مثل الأحمر والبرتقاليّ، والّتي تتطابق مع لون جلد الإنسان، وكذلك الألوان ذات التباين الشديد مع لون البيئة.
بالإضافة إلى ذلك، يؤثّر نوع القماش أيضًا في قدرة البعوض على اللدغ، بحيث يجب على البعوضة اختراق القماش للوصول إلى الجلد. على سبيل المثال، لن تكون السراويل الضيّقة والخفيفة المصنوعة من قماش الليكرا (Lycra) قادرة على حماية الشخص من التعرّض للدغ البعوض، في حين أنّ السراويل الفضفاضة والسميكة المصنوعة من قماش الدنيم (Denim) ستجعل من الصعب على البعوض اختراق القماش ولدغ الجلد. نُشرت مؤخّرًا دراسة بحثت في الطرق المختلفة للنسج والحياكة الّتي تنتج أقمشة مختلفة وتأثيرها في قدرة اختراق خرطوم إناث البعوض للقماش. وجد الباحثون أنّ الحياكة المتشابكة (Interlock) هي الأكثر فعاليّة في منع اللدغات. فكلّما كان الخيط أكثر سمكًا كلّما قلّت نسبة الليكرا وكانت الغرزة أقصر، ما يصعب اللدغ. يمكن أن يساعد هذا البحث في إنتاج الملابس الّتي تمنع لدغات البعوض.
لذلك، بالنسبة للسؤال ما إذا كانت الملابس تساعد في منع البعوض من لدغنا، فإنّ الإجابة إيجابيّة تقريبًا، وإذا لم تمنع ذلك، من المحتمل أنّها ستقلّل عدد اللدغات. سواء في الاختيار المدروس للقماش، أو ارتداء الملابس السميكة والفضفاضة أو في تطوير أقمشة جديدة توفّر الحماية، وفي نفس الوقت تكون مريحة وخفيفة الوزن ومناسبة للمناخ الحارّ.