تُعدّ المناديل الرطبة نعمةً حقيقيّةً للأهل الجدد. لكن، هل تشكّل الموادّ المستخدمة في تنظيفها وتعقيمها خطرًا على الصحة، أم يمكننا الاعتماد عليها دون قلق؟ لن نطيل عليكم: لا توجد بالفعل أيّة خطورة.
من الصعب أنّ يفهم من ليس لديه أطفال صغار أو رُضَّع مدى تأثير المناديل المرطبة في تسهيل الحياة اليوميّة للأهل، الذين يعملون دون انقطاع لتلبية حاجات أطفالهم الأساسيّة والحفاظ على نظافتهم. يستخدم ملايين الأهالي حول العالم هذه المناديل بشكل يوميّ، قد يبدو أحيانًا شبه مستمرّ، لتنظيف الأرداف، الوجوه، الأيدي، وكلّ شيء آخر قد يتّسخ بطريقة أو بأخرى بشيء لزج، دهنيّ أو ببساطة غير مريح.
وفقًا لحسابٍ تقريبيّ (جدًّا) أجراه موقع خاصّ بالتربية الخضراء والمستدامة، فإنّ الطفل المتوسّط سوف يتسبّب باتّساخ أكثر من 20,000 منديل في أوّل سنتين ونصف من حياته - و يشمل هذا الرقم المناديل المستخدمة لتغيير الحفاضات فقط. وإذا ما أضفنا استخدام المناديل للتنظيف بعد الأكل والحوادث الأخرى، سيرتفع هذا العدد بالطبع بعدّة آلاف أخرى لا محال.
من الواضح إذًا أنّ هناك استخدامًا مبالغًا (جدًّا). ومن الواضح أنّ استخدام المناديل لا يعود بالفائدة على مستوى توفير نفقات البيت، أو تقليص إنتاج النفايات الشخصيّة، أو الحفاظ على البيئة واتّباع نمط حياة مستدام. لكن هل يمكن أن يعرض استخدام المناديل الرطبة أطفالنا أو حتّى أنفسنا، لخطر حقيقيّ ومباشر؟
هل يشكّل استخدام المناديل الرطبة خطرًا على أطفالنا؟ ليس حقًّا | Shutterstock
هل هي مضرّة؟ غير وارد بتاتًا
الإجابة القصيرة هي لا، أمّا الإجابة الوافية فهي معقّدة بعض الشيء، ويرجع ذلك لوجود العديد من أنواع المناديل في السوق، وتنوّع واسع بين المستهلكين من حيث تكرار الاستخدام، طريقة الاستخدام ومدى حساسيّتها لموادّ معينة.
لنبدأ من النهاية، أمّا من المنظور البيئيّ، فليس سرًّا أنّ تقليل استخدام المناديل سيعود بالفائدة على الأرض وعلى الجيب أيضًا. أمّا من الناحية الصحّيّة، وإذا افترضنا أنّ هناك استخدام معقول ومتزّن لها، فإنّ الغالبية الساحقة من الأطفال والبالغين لن يطوّروا ردَّ فعل تحسّسيّ أو خطير من المناديل الرطبة.
تحوي كافة المناديل الرطبة موادّ كيميائيّة ما للتنظيف، التعقيم من البكتيريا أو الحفاظ على رطوبة البشرة، وعادةً ما تكون تركيزات هذه المواد في المناديل منخفضة، عوضًا عن كون هذه الموادّ شائعة جدًا في منتجات التنظيف والتعقيم الأخرى، وكذلك في المستحضرات التجميليّة المختلفة.
نُشرت أهمّ وأحدث دراسة حول الأضرار المحتملة لهذه الموادّ الكيميائيّة في عام 2014، وتناولت الدراسة مادّة كيميائيّة تُدعى Methylisothiazolinone (MI) وتأثيرها على بشرة الأطفال. وأفادت الدراسة عن 6 حالات طوّر فيها ردّ فعل تحسّسيّ جلديّ (طفح جلديّ) غير مريح، في المناطق التي تم تنظيفها بالمناديل التي تحوي مادّة الـ- MI، غير أنّ الصور المرفقة في الدراسة ليست لطيفة، ولم يبدو أنّ الأطفال قد استمتعوا باستخدام المناديل.
وأشار الباحثون في خلاصة الدراسة إلى أنّ ردّ الفعل الجلديّ سرعان ما يتلاشى بمجرّد التوقّف عن استخدام المناديل، ويوصون الأهالي بتجنّب المناديل التي تحوي مسببات الحساسيّة الشائعة. من المهمّ الإشارة إلى أنّ هذه الدراسة، رغم أهمّيّتها، أُجريت على عيّنة صغيرة جدًّا من الأطفال. وبالنظر إلى العدد الكبير من المستخدمين، فإنّ هذه الحالات التحسّسيّة تمثّل نسبة ضئيلة للغاية من السكّان. وعلى غرار الحساسيّة لأنواع معيّنة من الطعام أو الغبار أو حبوب اللقاح، قد تكون هناك نسبة صغيرة جدًّا من الأطفال الذين لديهم حساسيّة تجاه بعض مكوّنات المناديل. مع ذلك، فإنّ العديد من الشركات المصنّعة قد توقّفت بالفعل عن استخدام مادّة MI في منتجاتها، أو استبدلتها بموادّ أخرى أقلّ احتماليّة للتسبّب بالحساسيّة.
تُظهر هذه الدراسة أنّه حتّى المنتجات التي تبدو غير ضارّة على الإطلاق، قد تسبّب من حين إلى آخر ردّ فعل تحسّسيّ عند نسبة صغيرة جدًّا من النّاس. لذلك من المهمّ دائمًا أن نكون متيقظين لما يحدث في أجسامنا وأجسام أطفالنا. إذا لاحظتِ ظهور ردّ فعل تحسّسيّ بعد استخدام نوع معيّن من المناديل، فمن الأفضل التوقّف عن استخدامه فورًا واستبداله بنوع آخر.
خلاصة القول، يمكن القول إنّ المناديل لا تشكّل خطرًا صحّيًّا على الأغلبيّة العظمى من المستخدمين. مع ذلك، كما هو الحال في معظم الأمور، من الأفضل تجنّب الإفراط في الاعتماد عليها، بل استخدامها بعقلانيّة وبحكمةٍ.