كيف تحدّد الطواقم الطبّية ما إذا كانت حالة الجريح خطيرة أم متوسّطة؟ كيف يمكنها أن تقرّر من يجب علاجه أوّلًا في حالة وقوع حادث متعدّد الإصابات؟ وما معنى تعريف شدّة الإصابة؟
منذ اندلاع الحرب، تمّ علاج آلاف الجرحى في المستشفيات. تلقَّوا علاجًا أوّليًّا، حتّى قبل نقلهم إلى غرف الطوارئ، في الميدان من قبل الأطبّاء والمسعفين الّذين أجروا عمليّات إنقاذ للحياة، وليس أقلّ أهميّةً- تصنيف درجة إصابة كلّ واحد منهم. لم توجد عمليّة تصنيف خطورة الإصابة من أجل وسائل الإعلام الّتي تهتمّ بنقل صورة عن الوضع، ولكن أوّلًا وقبل كلّ شيء لتحسين العلاج وتحديد أولويّاته، خاصّة في حدث متعدّد الإصابات.
ولا يحدّد المؤشّر أولويّات علاج الجرحى فحسب، بل يؤثّر أيضًا في ترتيب إخلائهم إلى المستشفيات، وأحيانًا أيضًا في وجهة الإخلاء. يتمّ تصنيف الإصابة على أساس طريقة تسجيل ثابتة ومتّفق عليها، ويتمّ تقييم الحالة مجدّدًا أثناء العلاج والمتابعة، للتأكّد من أنَّ حالة المصاب لم تتفاقم فجأة.
تمّ تطوير أساليب تصنيف خطورة الإصابة بسبب الحاجة إلى اتّخاذ قرارات طبّيّة سريعة وعادلة- عندما ترغب الفرق في حساب ترتيب الإجراء لزيادة فرصة إنقاذ حياة أكبر عدد ممكن من المصابين- وعلاجهم وفق التصنيف الأكثر ضمانًا. لذلك، يكون الجرحى المستقرّون وبوعي تامّ، وذوو الإصابات الطفيفة هم آخر من يتمّ علاجهم، بينما في الحالات الصعبة والحوادث متعدّدة الإصابات، قد تفضّل الفرق عدم معالجة المصابين بجراح خطيرة جدًّا، وإنّما معالجة المصابين الّذين تكون لديهم فرص حياة أعلى.
يحدّد المؤشّر أيضًا أولويّة الإخلاء إلى المستشفى. جنود يرفعون جريحًا إلى طائرة هيليكوبتر | الصورة:ANURAKE SINGTO-ON, Shutterstock
الفرز منذ فجر التاريخ
تشير الأدلّة التاريخيّة إلى وجود توجيهات طبّيّة لإعطاء الأولويّة للمصابين بحيث يعود تاريخها إلى مصر القديمة، أي أكثر من 1500 سنة قبل الميلاد. يأتي التوثيق المركزيّ الأوّل لتقييم حالة الجرحى بطريقة مشابهة للحديثة على وجه التحديد من حروب نابليون. كان دومينيك جان لاري جرّاحًا في جيوش نابليون في القرن التاسع عشر. شعَرَ لاري خلال المعارك بالرهبة، عندما اكتشف مدى قلّة الأهميّة بحياة الجنود العاديّين. لقد عاملهم الجنرالات وكبار القادة العسكريّين على أنّهم مصدر إزعاج أدّى إلى إبطاء تقدّم القوّات، وتمّ تجاهل معاناتهم.
في تلك الأيّام، كان الجرحى يُترَكون في الميدان، ومن كان محظوظًا يتمّ نقله إلى العيادة بعد انتهاء القتال، عادة بعد يوم أو أكثر من الإصابة. أدرك لاري أنّه من المستحيل معالجة الجرحى حسب رتبتهم العسكريّة فقط، أو حسب ترتيب وصولهم إلى العيادة، كما جرت العادة في ذلك الوقت. وفي محاولة لخلق بديل، توصّل إلى مبدأ الفرز المسمى Triage، وهي كلمة مشتقّة من الفعل الفرنسيّ "trier"- تصنيف أو اختيار.
تبدو الفكرة واضحة لنا اليوم، لكنّها كانت في أيّام لاري فكرة مبتكرة: معالجة الجرحى وفقًا لخطورة الإصابة، وعلى أساس القدرة على إنقاذ الحياة. يُعتبَر مبدأ الفرز أساس التسمية للمكان الأوّل الّذي يصل فيه الُمصاب إلى المستشفى- غرفة الفرز (الطوارىء). في غرفة الطوارئ لا يقومون بفرز المصابين فحسب، بل يقومون أيضًا بجزء كبير من علاجهم الطارئ، وفي العديد من المستشفيات قاموا بتغيير اسم الغرفة وفقًا لذلك، على سبيل المثال "وحدة طبّ الطوارئ".
تعليمات لعلاج مجموعة متنوّعة من الحالات الطبّيّة، بما في ذلك إعطاء الأولويّة لعلاج المصابين. برديّة إدوين سميث من مصر القديمة، محفوظة في متحف أكاديميّة الطبّ في نيويورك | تصوير: Jeff Dahl, Wikipedia, Public Domain
صيغة الخطورة
لقد تطوّرت الفكرة على مرّ السنين، ويَعتمد التصنيف اليوم على مزيج من الوسائل العديدة لحساب مدى خطورة الإصابة، وذلك بواسطة استخدام آلات حاسبة ومعادلات بدأت في التطوّر في أواخر الستينيّات من القرن العشرين. الطريقة الأولى، والّتي تعتمد عليها معظم الطرق المذكورة في المقالة، تُسمَّى مقياس الإصابة المختصر،Abbreviated Injury Scale أو AIS. يقوم الفريق الطبّيّ بواسطة هذه الطريقة بتقييم كلّ إصابة على مقياس من 1 إلى 6 - خفيفة (1)، متوسّطة، شديدة، خطيرة، مميتة، ومطلقة (6)- ما يعني أنّه لم يعد من الممكن علاج الإصابة.
تمّ لاحقًا تطوير، على أساس مقياس الإصابة المختصر، طريقة حسابيّة تحسب عدد الإصابات في الجسم. وفقًا لدرجة خطورة الإصابة Injury Severity Score أو ISS باختصار، ينقسم الجسم إلى ستّ مناطق: الرأس والرقبة، الوجه، الصدر، البطن، الأطراف وبقيّة الجسم. وفي السنوات الأخيرة، تمّ توسيع القائمة لتشمل تسع مناطق، يتمّ التمييز فيها اليوم بين الرأس، الرقبة والوجه أيضًا، وبين منطقة العمود الفقريّ، وبين الأطراف السفليّة والعلويّة.
عند وجود عدّة إصابات في نفس المنطقة، يشير التصنيف فقط إلى الإصابة الأكثر خطورة. تعتمد النتيجة الإجماليّة لكلّ مصاب على أجزاء الجسم الثلاثة الّتي تظهر فيها الإصابات الأكثر خطورة. على سبيل المثال، إذا كانت هناك خمس إصابات، فإنَّ تصنيف المصاب بواسطة الISS يشمل فقط التصنيف الأشدّ الّذي تمّ تحديده في ثلاث مناطق. ويتمّ التسجيل على أساس مقياس الإصابة المختصر الّذي ذكرناه سابقًا، بدرجات تتراوح بين 1 و 6.
يتمّ تعويض النتيجة الّتي تمّ الحصول عليها في صيغة حيث تُرفع درجة الإصابة لكلّ من المناطق الثلاث الأكثر تضرّرًا إلى قوّة 2. ويبدو الأمر كما يلي:
مقياس ISS = (درجة الإصابة في المنطقة أ)2+ (درجة الإصابة في المنطقة ب)2 + (درجة الإصابة في المنطقة ج)2.
تُمكِّن رفع القوة من تضخيم الفرق بين نقطة وأخرى: إذا كان الفرق بين إصابة طفيفة للغاية، بدرجة 1 (على سبيل المثال، جرح عميق بدرجة متوسّطة أو حروق من الدرجة الأولى)، وبين جرح مصنَّف 2 (على سبيل المثال، جرح أعمق وأكثر خطورة) هو نقطة واحدة فقط، يصبح الفرق أكثر وضوحًا إذا تمّ رفع هذه الأرقام إلى القوّة، بحيث يبقى الخدش المتوسّط مُقدّرًا بـ 1 ويحصل الجرح العميق على 4 نقاط.
يمكن أن تتراوح نتائج درجة خطورة الإصابة ال ISS بين 1 و 75. إذا كان هناك جرح واحد يسجّل الدرجة 6، فإنَّ تصنيف ISS الإجماليّ للمصاب يقفز تلقائيًّا إلى 75، حيث أنَّ منطقة واحدة من الجسم تعرّضت لأضرار بالغة تكفي بأن يتطلّب المصاب عناية فوريّة، أو بدلًا من ذلك، يشير إلى أنّه لا يمكن إنقاذ الشخص المصاب على الإطلاق. في حادث متعدّد الإصابات، يمكن أن تؤدي هذه النتيجة في بعض الأحيان إلى إنهاء العلاج الطبّيّ لذلك الشخص، من أجل إنقاذ المصابين الآخرين الّذين لديهم فرصة أكبر للنجاة.
يشير التصنيف إلى أخطر إصابة في منطقة معيّنة من الجسم. مسعف عسكريّ يقدّم الإسعافات الأوليّة لجريح | تصوير: Getmilitaryphotos، Shutterstock
حسابات للمتقدِّمين
بعد أن فهمنا نظام التسجيل، أصبح من السهل فهم السبب وراء حالات الإصابة الّتي يتمّ الإبلاغ عنها على شاشة التلفزيون. يوجد فيما يلي تصنيف ISS وتعريف كلّ درجة لتحديد الإصابة (بين قوسين- درجة ISS المقابلة):
إصابة طفيفة (3-1)– بالنسبة للفريق الطبّيّ، لا يوجد خطر مباشر على حياة الجريح. غالبًا ما يُطلق على هؤلاء الجرحى اسم "الجرحى الّذين يستطيعون المشي" نظرًا لأنّهم في حالة وعي كامل وهم قادرون على المشي بمفردهم. هؤلاء هم الجرحى الّذين يتمّ علاجهم في النهاية.
إصابة متوسّطة (4-8)- يكون المصاب بإصابة متوسّطة أيضًا في حالة بدنيّة مستقرّة وعادةً ما يكون في وعي تامّ. في بعض الأحيان، يتمّ إدخال الجرحى إلى المستشفى لبضعة أيّام أو يخضعون لعمليّة جراحيّة، ومنهم قد يكون المصابون بشظايا، حروق أو إصابات في العظام، مثل كسور العظام.
إصابة خطيرة (9-15)- هناك إصابات تهدّد الحياة ويلزمها علاج فوريّ في غرفة العناية المركّزة حتّى يستقرّ التنفّس، الوعي ويتوقّف النزيف. يتأثّر المصابون بإصابات خطيرة، خطيرة جدًّا وحرِجة بالسرعة الّتي سيتمّ بها إجلإؤهم إلى المستشفيات.
جريح بالغ الخطورة (16-24)- الجرحى الّذين فقدوا الكثير من الدم أو الّذين يعانون من أضرار جسيمة في أعضائهم. هناك فرصة ضئيلة لإنقاذ حياتهم، ولكن هذا ممكن من خلال عمليّات نقل الدم، عمليّات جراحيّة طارئة والعناية المركّزة.
جريح بإصابة حرِجة (25-49)- الجرحى الّذين فرص بقائهم على قيد الحياة ضئيلة. ولسوء الحظ، في كثير من الحالات، لن ينجوا حتّى وصولهم إلى المستشفى، وإذا وصلوا، فسيتمّ إرسالهم على الفور إلى وحدة العناية المركّزة.
المصابون بأعلى المستويات/ غير قابلين للعلاج (50-75)– الجرحى الّذين في حادث متعدّد الإصابات لا يمكن علاجهم؛ لأنَّ فرص بقائهم على قيد الحياة تكاد تكون معدومة. سيكون العلاج الرئيسي هو تخفيف الألم لتجنّب المعاناة الزائدة.
كيف تحدّد درجة كلّ إصابة؟ يتطلّب الأمر الكثير من الخبرة المهنيّة ومعرفة شاملة بطبّ الطوارئ. على سبيل المثال إصابة في الصدر. يعتبر الشخص المصاب الّذي يعاني من شرخ أو كسر في أحد أضلاعه مصابًا بإصابة طفيفة. يتمّ تصنيف عدّة كسور في الضلوع، أو عدّة كسور في نفس الضلع بنقطتين (4 نقاط بعد الرفع بالقوّة، وبالتالي فهي إصابة متوسّطة). سيتمّ اعتبار الشخص المصاب بكسر مفتوح أو خلع في الضلع مصابًا بحالة خطيرة، ولكنّها ليست مهدّدة للحياة.
إذا انفصلت الأضلاع عن الصدر وخرجت من مكانها، وهي حالة تعرف باسم "ترفرف الصدر"، فسيتمّ اعتبار الشخص في حالة خطيرة للغاية، أو حالة مهدّدة للحياة. وبدون علاج، هناك خطر توقّف التنفّس، وإذا تركت دون علاج، فقد تؤديّ الأضلاع المكسورة إلى تلف أغشية الرئة أو الرئتين أنفسهما. في مثل هذه الحالة يكون التقييم 5 (إصابة خطيرة جدًّا)، لتكون نتيجة ال ISS بعد التربيع 25، ويعتبر مصابًا حرِجًا.
أي:
ISS = منطقة الصدر (5)2 + منطقة الرأس (سليمة) + منطقة البطن (سليمة) = 25
اختبرت دراسة أجراها فرع الطبّ العملياتيّ في الهيئة الطبيّة، تصنيف الجرحى، أنواع الإصابات، طريقة علاج الجرحى ومعدّل الوفيات بين جرحى عمليّة الجرف الصامد سنة 2014. أُصيب في العمليّة 704 جنود، وتوفي 65 منهم متأثّرين بجراحهم، أي نحو 9 في المائة من إجمالي الجرحى. في الرسم البيانيّ المرفق من الدراسة، يمكن رؤية حوالي 16 في المائة من المصابين حصلوا وفق تصنيف ISS على أكثر من 15 نقطة (حالة خطيرة أو أعلى). ونجا أقلّ بقليل من نصف الجرحى في هذه الدرجة رغم خطورة إصاباتهم. بالإضافة إلى ذلك، يظهر الرسم البيانيّ أنَّ نسبة الإصابات الخطيرة في "الجرف الصامد" كانت أعلى مما كانت عليه في العمليّات العسكريّة السابقة. ومن هذا يمكن أيضًا استخلاص استنتاجات بشأن طبيعة القتال وتقييم المعالجات الّتي ستكون مطلوبة في خطّة قتاليّة مماثلة.
مؤشّرات تشريحيّة ومؤشّرات فيزيولوجيّة
يُستخدم المؤشّرَان اللّذَان ذكرناهما على نطاق واسع، ولكن هناك مؤشّرات أخرى مقبولة يمكن استخدامها للتوسّع وتقييم فرص بقاء المصاب على قيد الحياة، وأيضا لتقييم مدى إلحاح العلاج. في سنة 1997، تمّ نشر مقياس خطورة الإصابة الجديد، New Injury Severity Score أو NISS، والّذي كان التعديل الرئيس له عبارة عن تركيز خاصّ على عدد الإصابات في نفس المنطقة، بدلًا من الأخذ في الاعتبار الإصابة الأكثر خطورة فقط في كلّ جزء من الجسم. ويأخذ التصنيف الجديد في الاعتبار درجة الإصابة الأعلى، حتّى لو كانت أشدّها تقع في نفس المنطقة من الجسم.
المقاييس الّتي ذكرناها حتّى الآن هي مقاييس تشريحيّة، أي إنّها تقيّم مدى خطورة الأضرار الّتي لحقت بأجزاء الجسم وفقًا لمنطقة الإصابة. وتقدّر مؤشّرات أخرى أنّه من الأصحّ أخذ ردّ الفعل الجسديّ للمصاب بعين الاعتبار، أي ردّ الفعل الفيزيولوجيّ للجسم تجاه الإصابة، وليس فقط الضرر التشريحيّ. تأخذ المؤشّرات الفيزيولوجيّة أيضًا في الاعتبار حالة وعي المصاب، وضغط الدم الانقباضيّ- الضغط المرتفع الّذي ينشأ في الشرايين بعد انقباض القلب، ووتيرة التنفّس.
ويُسمّى نفس التقييم الفيزيولوجيّ الّذي يعتمد على هذه المؤشّرات الثلاثة "درجة الصدمة المُنقَّحة"، Revised Trauma Score أو RTS، ولحسابها يتمّ ضرب كلّ قيمة من القيم بمعامل معيّن:
درجة الصدمة المُنقَّحة= 0.9368 × مستوى وعي المصاب + 0.7326 × ضغط الدم الانقباضيّ + 0.2908 × وتيرة التنفّس في الدقيقة
تمّ تصميم المعاملات لإعطاء تقييم مناسب لكلّ مؤشّر، ضغط الدم، التنفّس والوعي، بحيث تُعبِّر النتيجة الإجماليّة بشكلٍ أفضل عن فرص بقاء المصاب على قيد الحياة، بناءً على الخبرة السابقة مع المصابين الّذين كانت لديهم درجات مماثلة.
تساعد مراقبة المؤشّرات الفيزيولوجيّة مثل ضغط الدم، وتيرة التنفّس ومؤشّر الوعي على تقييم مدى خطورة الإصابة ودرجة الخطورة على حياة المصاب بشكل أفضل. فريق طبّيّ للطوارئ مزوّد بجهاز مراقبة محمول | الصورة: Jaromir Chalabala, Shutterstock
الموازنة للحصول على دِقّة قصوى
تظهر الأبحاث اليوم أنَّ المقاييس الدقيقة الّتي توازن بين التأثير الفيزيولوجيّ والضرر التشريحيّ هيّ الّتي تتنبّأ بدقّة أكبر بإمكانيّة بقاء المصاب على قيد الحياة. هناك العديد من هذه المقاييس، ولكنّنا سنركّز على مقياس شدّة الصدمة والإصابات (TRISS أو Trauma and Injury Severity Score)- والّذي يعتبر من أكثر المؤشّرات دقّة لحساب فرصة إنقاذ حياة المصابين.
يعدّ حساب مؤشّر TRISS أكثر تعقيدًا قليلًا من تلك الّتي ذكرناها حتّى الآن، وأولئك الّذين يرغبون في التعمّق في الحساب مدعوّون لتجربة إحدى الآلات الحاسبة عبر الإنترنت. يدمج المؤشّر البيانات الفيزيولوجيّة، حالة الوعي، ضغط الدم الانقباضيّ ووتيرة التنفّس، مع درجة ISS، عمر المريض وطبيعة الإصابة- على سبيل المثال، حادث سيّارة أو طعن بأداة حادّة. تعكس النتيجة النهائيّة والّتي قيمتها بين 0 و1 فرصة بقاء المصاب على قيد الحياة. وكلّما اقتربت القيمة من 1، زادت فرص خروج المصاب منها بسلام، وتشير القيم المنخفضة إلى فرص ضئيلة لإنقاذ حياة المصاب.
توفّر المؤشّرات الّتي توازن بين البيانات الفيزيولوجيّة والدرجات التشريحيّة لخطورة الإصابة التنبّؤ الأكثر دقّة فيما يتعلّق بفرصة إنقاذ المصاب. طواقم طبّيّة تفرز المصابين خلال تمرين على الإصابات في مستشفى "هعيمك" بالعفولة | الصورة: wideweb, Shutterstock
السهل ليس دائما بسيطًا
تعدّ مؤشّرات خطورة الإصابة أداة مهمّة في عمليّة فرز وعلاج المصابين، سواء في الميدان أو في المستشفى، وهي تساعد الفرق الطبّيّة في سرعة اتّخاذ القرارات المصيريّة، خاصّة في الحوادث متعدّدة الإصابات. ومع ذلك، من المهمّ الإشارة مرّة أخرى إلى أنّها تعكس جانبًا واحدًا فقط من الإصابة- وهو الخطر المباشر على حياة الشخص المصاب.
وهي لا تعكس الجوانب الأخرى الّتي يمكن أن يكون لها تأثير كبير في نوعيّة حياة المصاب في المستقبل. كما يمكن أن تتغيّر بسرعة كبيرة، وفي بعض الأحيان تكفي عمليّة طبّيّة بسيطة نسبيًّا لتحسين فرص بقاء المصاب على قيد الحياة. على سبيل المثال، يمكن تعريف الجريح الّذي بُتِرت ساقه بأنّه خطير أو حرِج، لكنّ الافتراض السريع بعدم وجود الشرايين سيحسّن حالته على الفور، ويمكن تعريفه بأنّه مصاب بإصابة متوسّطة، إذا لم يفقد الكثير من الدم.
وحقيقة أنّه لم يعد هناك خطر مباشر على حياته بعد توقّف النزيف، لا تعكس حقيقة أنّه سيظلّ معاقًا وسيحتاج إلى إعادة تأهيل لفترة طويلة ليتعلّم كيفيّة العيش بشكل طبيعيّ. حتّى عندما يتمّ تعريف الشخص على أنّه مصاب بجروح طفيفة، على سبيل المثال بكسور في كلتا يديه، فإنّه قد يعاني كثيرًا من آلام شديدة وأضرار طويلة الأمد في جودة الحياة. ومعنى تصنيف الإصابة البسيطة في هذه الحالة لا يعني أنّه سيتعافى سريعًا ودون مشاكل، بل يعني فقط أنّه لا يوجد خطر مباشر على حياته، وفرص نجاته عالية جدًّا.