زيت الخروع والأناناس، الإبر، التدليك وحتّى الجِمَاع. الوسائل المنزليّة لتسريع الولادة هي عديدة ومتنوّعة. وهل مِن بينها مَن يستطيع اجتياز المعايير العلميّة؟

حمل الثدييات هو عمليّة تحمل فيها الأنثى جنينًا في رحمها، حيث يتطوّر حتّى يتمكّن من العيش خارج الرحم. تختلف مدّة الحمل اختلافًا كبيرًا من نوع لآخر من الثدييات: تحمل القوارض الصغيرة مثل القداد (الهمستر) أجنّتها لمدّة 20 يومًا تقريبًا فقط في المتوسّط، بينما تحمل الأفيال أجنّتها في أرحامها لمدّة 22 شهرًا تقريبًا. يستمر حمل المرأة حوالي 40 أسبوعًا من آخر موعد للدورة الشهريّة (بداية نزيف الحيض الذي يسبق تاريخ الإباضة الأخيرة). مع ذلك، يمكن أن يستمر الحمل البشريّ الطبيعيّ من 37 أسبوعًا إلى 42 أسبوعًا.

تتخلّل نهاية الحمل صعوبات جسديّة عديدة للمرأة الحامل. تميل النساء في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل إلى الإبلاغ عن الشعور بالتعب، آلام في الظهر، ضيق في التنفس والوذمة (Edema). تتطلّب مثل هذه الآلام استشارة طبيب أمراض نسائيّة، لكن لدى الكثير من النساء تُعتبر مثل هذه الحالات غير خطيرة، والتي  فقط يجب التعامل معها بشجاعة وتحمّلها حتّى الولادة.

في بعض الأحيان، يجب تسريع الولادة قبل موعدها لأسباب طبيّة. يمكن أن يكون سبب ذلك لعوامل قد تعرّض سلامة الجنين للخطر، مثل التأخّر في النموّ ونقص في السائل السلويّ، أو في الحالات الطبّيّة التي تشكّل خطورة على الأم، مثل تسمّم الحمل أو سكّري الحمل. في مثل هذه الحالات، هناك طرق مختلفة لتسريع الولادة، والتي تسمى أيضًا تحفيز الولادة، وذلك في الحالات التي تتمّ دون أن تسبقها العلامات الأولى للولادة، مثل التقلّصات والانقباضات أو اتّساع عنق الرحم. يعتمد نجاحها جزئيًّا، على مؤشّر نضج عنق الرحم وعمر الجنين. يتمّ تسريع الولادة في مثل هذه الحالات تحت إشراف طبّيّ، وباستخدام وسائل ميكانيكيّة (آليّة)، مثل الولادة القيصرية، الأدوية أو مزيج من الاثنين.

حتّى عندما يكون الحمل طبيعيًّا، فإنَّ المواجهة غير السهلة مع مراحل الحمل النهائيّة تدفع العديد من النساء إلى تجريب أساليب منزليّة لتسريع الولادة. شرعنا في دراسة بعض هذه الحلول الشعبيّة لتبكير الولادة وفحص ما يقوله العلم عنها: هل هي مفيدة؟ وماذا عن المخاطر التي تنطوي عليها؟ بالطبع لا ينبغي أن يُنظر إلى ما سبق على أنّه توصية باستخدام أيّ من هذه الطرق، ومن المهم توخّي الحذر دائمًا وعدم القيام بأيّ عمليّة قد تؤثّر على صحّة الجنين أو الأم دون استشارة طبيبك النسائيّ.
 

زيت الخروع 

الطريقة: شرب بضع ملاعق من زيت الخروع

ماذا يقول العلم: يُحفِّز زيت الخروع الجهاز الهضميّ، والأمعاء على وجه الخصوص، ويزيد الحركة فيها. تمّ إجراء عدد قليل جدًّا من الدراسات لفحص فعاليّة الأمان ومستواه حول استخدام زيت الخروع لتحفيز المخاض. قارنت إحدى الدراسات، التي استمرّت لمدّة خمس سنوات، النساء اللاتي عُرض عليهنّ استخدام زيت الخروع مع مجموعة ضابطة. أظهرت النتائج أنَّ النساء اللواتي تناولن زيت الخروع كانوا أكثر عرضة للولادة بعد يوم من الاستخدام. وجدت دراسة أخرى أيضًا أنَّ استهلاك زيت الخروع ساهم في تبكير موعد الولادة لدى النساء الذين حملوا في السابق، مقارنةً بالمجموعة الضابطة.

في كلتا الدراستين، تجاوزت النساء الأسبوع الأربعين من الحمل، لذلك ليس من الواضح ما إذا كان استخدام زيت الخروع فعّالًا أيضًا في المراحل المبكّرة من الحمل. من المهمّ أيضًا التذكّر أنَّ زيت الخروع هو مادّة مليّنة، ويمكن أن تسبّب آلامًا في البطن وإسهالًا - وهما من الأعراض الجانبيّة غير المرغوب بها على الإطلاق قبل الولادة، ويفضّل تجنّبها عادةً في حالات أخرى أيضًا.


من المهمّ أيضًا التذكّر أنّ زيت الخروع يمكن أن يسبب آلامًا في البطن وإسهالًا - وهما من الأعراض الجانبيّة غير المرغوب بها على الإطلاق قبل الولادة. | الصورة: Alexander Ruiz Acevedo Shutterstock

الوخز بالإبر

الطريقة: الوخز بالإبر هي إحدى الطرق في الطبّ الصينيّ التقليديّ، وتقوم على وخز المعالج بإبر رفيعة في مناطق مختارة من الجسم. يدَّعي أنصار الوخز بالإبر أنّه يمكن أن يُساعد في علاج الأمراض وتخفيف الآلام وغير ذلك، وكما ذكرنا، فإنّه يساعد أيضًا في تسريع الولادة.

ماذا يقول العلم: في دراسة أُجريت لاختبار فعالية الوخز بالإبر لتحفيز الولادة، والتي شملت 364 امرأة تمّ تقسيمهنّ إلى مجموعتين - تلقّت بعضهن الوخز بالإبر لتحفيز المخاض وفقًا للطريقة المتعارف عليها، والبقية خضعن لوخز وهميّ بالإبر، حيث تمّ إدخال الإبر في نقاط عشوائيّة. لم يتمّ رصد فرق في معدّلات الولادة التي حدثت في اليومين التاليين بين المجموعتين.

أجريت دراسة أخرى في عدة مراكز طبّيّة في العديد من البلدان، كانت مزدوجة التعمية (double-blind)، ممّا يعني أنَّ الباحثين والمشاركين لا يعرفون المجموعة التي ينتمي إليها كلّ منهم. تلقّت 125 امرأة في الأسبوع الحادي والأربعين من الحمل علاجًا "قياسيًّا" بالوخز بالإبر في المجموعة التجريبيّة، أو وخزًا وهميًّا بالإبر (وخز بواسطة إبر لا تخترق الجلد) في المجموعة الضابطة. أظهرت النتائج أنّه لا أدلّة كافية على أنَّ الوخز بالإبر كان فعالاً في تحفيز المخاض.


لا أدلة كافية على أنَّ الوخز بالإبر فعّال في تحفيز المخاض | الصورة: Kzenon Shutterstock
 

الجِمَاع

الطريقة: ممارسة العلاقة الجنسيّة

ماذا يقول العلم: تبدو العلاقة بين ممارسة الجنس وموعد بداية الولادة منطقيًّا جدًّا. يحتوي السائل المنويّ على مواد تسمّى بروستاغلاندينات (Prostaglandins)، والتي تساعد على تليين عنق الرحم، وقد تسرّع من بدء تقلّصات الولادة. تتشابه البروستاغلاندينات كثيرًا في تركيبتها الكيميائيّة وطريقة عملها مع بعض الأدوية التي تُعطى في المستشفيات لتحفيز المخاض. يعتقد البعض أنَّ هناك آليّات أخرى يمكن من خلالها للعلاقة الجنسيّة أن تعجّل الولادة، مثل الضغط البدنيّ الذي يقوم به على الأربطة الداعمة للرحم، وإفراز هرمون الأوكسايتوسين بعد هزّة الجماع الأنثويّة، وتحفيز الحلمة، والذي سنتطرق إليه لاحقًا. 

في إحدى الدراسات، طُلب من حوالي 200 امرأة تتمتّع بصحّة جيّدة توثيق مواعيد نشاطهنّ الجنسيّ، بدءًا من الأسبوع السادس والثلاثين من الحمل حتّى الولادة وملء استبيانًا. وكشف تحليل النتائج عن وجود علاقة إحصائيّة بين ممارسة الجنس في الثلث الثالث من الحمل، والولادات التي حدثت قبل الموعد المتوقّع.

ركّزت دراسة أخرى على النساء اللاتي بلغن الأسبوع الـ-40 من الحمل. تمّ تقسيم المشاركات بشكلٍ عشوائيّ، بحيث تمّ توصية أعضاء المجموعة بالقيام بالجِمَاع، بالمقابل المجموعة الضابطة لم تتلقَّ أيّ توصية. طُلب من المشاركات توثيق التواريخ التي قاموا فيها بالجِمَاع حتّى تاريخ الولادة، وكذلك توثيق ما إذا كانوا قد وصلوا إلى النشوة الجنسيّة. على عكس الدراسة السابقة، لم يتمّ رصد أيّ فرق بين المجموعتين في تأثيرها على حدوث ولادة عفويّة.

قارنت دراسة أخرى النساء اللاتي بلغن الأسبوع الأربعين وأبلغن عن القيام بالجِمَاع خلال الأسبوع السابق، مع النساء اللاتي لم يبلِّغن عن أيّ نشاط جنسيّ خلال تلك الفترة. فحص الباحثون مقاييس عنق الرحم المتعلقة بالولادة، لكنّهم لم يجدوا أيّ علاقة بين القيام بالجِمَاع وبين مستوى نضج عنق الرحم.

لذلك، على الرغم من وجود تفسيرات قد تبدو معقولة للعلاقة بين النشاط الجنسيّ وتسريع الولادة، فإنَّ معظم الدراسات الموجودة لا تؤكّد وجود مثل هذه العلاقة فعلًا. مع ذلك، هناك حاجة إلى المزيد من الأبحاث قبل أن نتمكّن من التوصل إلى نتيجة قاطعة. 

من الناحية الطبّيّة، لا يوجد حظر بخصوص ممارسة الجنس حتّى في الأسابيع الأخيرة من الحمل، طالما لا توجد تعليمات طبّيّة لتجنّبها - على سبيل المثال، جراء تقلّصات مبكّرة أو تسرّب السائل السلويّ.

 

تحفيز الحلمات

الطريقة: تدليك حلمة الحامل 

ماذا يقول العلم: تستند الفكرة إلى حقيقة أنَّ تحفيز الحلمة يُنشِّط غدد المرأة على إفراز هرمون الأوكسايتوسين، المسؤول عن حدوث التقلّصات في عضلة الرحم. عقار البيتوسين (Pitocin)، الذي يُعطى أحيانًا في المستشفيات أثناء عمليّة التحفيز الطبّيّ للولادة، هو النسخة الاصطناعيّة من الأوكسايتوسين.

أظهر تحليل العديد من الدراسات التي قارنت الأمهات اللواتي تلقين تدليكًا لتحفيز الحلمة مع مجموعة ضابطة لم تتلقّاه، أنَّ النساء اللاتي خضعن لتحفيز الحلمة كُنَّ أكثر عرضة للولادة بعد ذلك بوقت قصير. ومع ذلك، شدّد الباحثون أنَّ هناك حاجة للمزيد من الأبحاث لفحص فعاليّة العمليّة، ومدى أمانها.

تابعت دراسة صغيرة أخرى مستويات الأوكسايتوسين في اللعاب بعد تحفيز الحلمة، بهدف تسريع بدء مخاض الولادة بشكلٍ عفويّ. شارك في البحث 16 امرأة، مررن بحملٍ طبيعيّ، بحيث واظبوا على التدليك التحفيزيّ للحلمة لمدّة ساعة واحدة في اليوم، لمدّة ثلاثة أيام متتالية. أدّت الأيام الثلاثة من التدليك بالفعل إلى زيادة مستويات الأوكسايتوسين في اللعاب. هنا أيضًا، أوصى الباحثون على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لاختبار فعاليّة العمليّة لتسريع المخاض.

على الرغم من الحاجة إلى مزيد من الأبحاث حول هذا الموضوع أيضًا، من النتائج التي تمّ جمعها حتّى الآن يبدو أنَّ تدليك الحلمة قد يكون مفيدًا بالفعل لتبكير الولادة.


لم يتم نشر أيّ دراسات حتّى الآن حول كيفيّة تأثير تناول الأناناس على تبكير موعد الولادة عند النساء | الصورة: Wirestock Creators Shutterstock
 

تناول الأناناس

الطريقة: تناول فاكهة الأناناس الاستوائيّة

ماذا يقول العلم: الأناناس الطازج ليست فاكهة شائعة في إسرائيل وسعرها مرتفع في الأسواق. مع ذلك، كثيرون من الذين تناولوا كمّيّات كبيرة من الأناناس الطازج، يعرفون الشعور بالحرقان والوخز الذي يسبّبه الأناناس في الفم. هذا الإحساس ناتج عن نشاط الإنزيم بروميلين (Bromelain)، الذي يفكّك بعض البروتينات. هناك فرضيّة مفادها أنَّ الإنزيم قد يؤثّر على البروتينات في عنق الرحم، بالتالي يُبكِّر مجيء المخاض.

جهازنا الهضميّ ليس "بيئة صديقة" للبروتينات والإنزيمات. عندما نتناول الأناناس، من المحتمل أن يتحلّل الإنزيم أثناء وجوده في الجهاز الهضميّ، بالتالي لا يصل كاملًا إلى الدم أو عنق الرحم. ومع ذلك، فإنَّ تناول الأناناس قد يؤثّر على موعد بداية الولادة.

فحصت العديد من الدراسات تأثير الأناناس على الجُرَذان الحوامل وعلى أنسجة خلايا رحميّة في مزرعة خلايا Cell culture. فحصت إحدى الدراسات تأثير مستخلص الأناناس على خلايا عضلات رحم مزروعة، مأخوذة من الجرذان الحوامل. أظهرت النتائج أنَّ مستخلص الأناناس الذي يحتوي على مركّبات معيّنة زاد من تقلّص عضلات الرحم داخل مزرعة الخلايا. أظهرت دراسة مكمّلة، التي أجريت لتحديد المركّب النشط في الأناناس، واختبار نشاطه على الجرذان الحوامل الحيّة، أنَّ المركّب ينشط في المسار الأيضيّ للناقل العصبيّ السيروتونين. لذلك افترض الباحثون بأنَّ النظام الغذائيّ الغنيّ بالسيروتونين قد يؤثّر على تقلّصات الرحم.

بقدر ما هو معروف لدينا، لم يتمّ نشر أيّ دراسات حتّى الآن حول كيفيّة تأثير تناول الأناناس على تبكير موعد الولادة عند النساء، وما إذا كان هناك مثل هذا التأثير أصلًا. يتعيّن علينا الانتظار حتّى تنتهي هذه الدراسات، قبل أن نتمكّن من معرفة ما إذا كان الأناناس مفيدًا في تسريع الولادة.

توضّح هذه الدراسات وغيرها من الدراسات المماثلة، مدى أهمّيّة فحص طرق العلاج الطبيعيّ والعلاجات الشعبية التقليديّة، بواسطة أدوات علميّة خاضعة للرقابة. وبعيدًا عن السؤال عمّا إذا كانت هذه العلاجات فعّالة، من المهمّ أيضًا التأكّد من الاستعانة بأدوات مهنيّة لفحص آمان هذه الطرق والأساليب للاستخدام، خاصّة في فترة حساسّة مثل الحمل المحاطة بالمخاطر لكلّ من الأم والجنين. لذلك، حتّى لو أخبرتكم أحدى الصديقات أنّها تناولت "كريمبو" محشيًا بالسحاوق في الأسبوع التاسع والثلاثين من الحمل وأنجبت في ذلك المساء، فهذا لا يعني أنَّ الكريمبو هو سبب الولادة، الأرجح أنّها كانت مصادفة. لذلك، نحن لا نعرف ما إذا كان الأناناس سيسرِّع الولادة، ولكن هناك شيء واحد مؤكّد حوله - أنه حلو المذاق ولذيذ الطعم.

يرجى الملاحظة: أنّ المقالة توفّر معلومات علميّة عامّة فقط ولا يمكن اعتبار مضمونها بديلًا عن الاستشارة الطبيّة الشخصيّة عند المختصّين.

 

0 تعليقات