يحمل كل عام في طيّاته تحدّياتٍ علميّةً جديدة واختراقات بحثيّة في مجالاتٍ رائدة تهدفُ لتطوير تقنيّاتٍ، بعضها توظّفُ لاحتواء كارثة وبائيّة وتنقذ أرواحًا من موتٍ محتّم، في حين تُستثمر مساعٍ أخرى على بعد سنين ضوئيّة في اكتشافِ إمكانية حياةٍ على كوكب آخر. في هذا المقال نحاول حصر العناوين في أبرز ما جاء في عام 2021، وقد كانت سنةً علميّة حافلةً بحقّ، ننكشف على الاكتشافات والأحداث العلميّة فيها، ونهيّئ أنفسنا لاستقبالِ عامٍ جديد من التحدّيات والإنجازات العلميّة.
Covid 19: طفرات جديدة وسلاح جديد في ترسانة محاربته
للسنة الثانية على التوالي، قبع العالم تحت خطر جائحة كورونا، تمركزت المحاولات الحثيثة في هذا العام لرفع مستويات التطعيم حول العالم، حيث صادقت منظّمة الصحّة والدواء الأمريكيّة على بدء تطعيم الأطفال فوق سن الخامسة، ودخلت هذه التوصية حيّز التنفيذ في كثير من الدول حول العالم. أمّا من حيث المستجدّات على صعيد الجائحة، فقد تمخّضت هذه السنة عن متحوّر جديد لفيروس كورونا أطلق عليه اسم أوميكرون، الّذي ظهر وبدأ بالانتشار خلال الشهريْن الأخيرين من العام ومصدره قارّة أفريقيا، وتحديدًا جنوبها. أثار هذا المتحوّر في بادئ الأمر مخاوف وقلق الدول والعلماء، لكن ما هدّأ قليلًا من حدّة القلق، كون الأبحاث الأولية على من أُصيبوا بعدوى هذا المتحوّر، قد أظهرت بأنّه أشدّ عدوى لكنّه في المقابل ذو أعراض ليست بأكثر حدّة من سابقه دلتا وكورونا الأوّل، وبأنّ التطعيمات المتاحة ناجعة في الوقاية منه. وفق منظّمة الصحّة العالميّة، قد تمّ رصد متحوّر أوميكرون في أكثر من 89 دولة حول العالم حتّى الآن.
بالإضافة إلى تطوير التطعيم، فالإن الإنتاج الأبرز على صعيد التطويرات العلميّة والطبيّة هذا العام، هي الحبوب المضادّة للفيروسات التي طوّرتها شركة فايزر، حيث أعلنت أبحاث الشركة بأنّها تثبط الأعراض، وتمنع الوفاة إذا تمّ تناولها مبكّرًا بما فيه الكفاية بعد الإصابة. وتشير النتائج التي نشرتها شركات الأدوية فايزر وميرك، إلى أنّها قد تمنع بنسبة 30٪ إلى 89٪ من الحالات من المكوث في المستشفى.
أما على الصعيد المجتمعي، فعلى ما يبدو، فإنّ نهاية هذا العام ليست بأفضل حالٍ من حيث الإغلاقات والتقييدات، التي ستفرضها دول كثيرة على سكّانها وعلى قطاع السياحة، حيث بدأنا بالفعل نشهد تعليقًا ومنعًا للسفر حول العالم في كثير من المطارات، وإلغاءً للتجمّعات الاحتفاليّة المقرّرة والمعهودة في هذه الفترة من العام، تزامنًا مع الأعياد المجيدة. فأنظارنا معلّقة نحو ما سيحمله العام الجديد لنا من تطوّرات نرجو أن تحمل معها أخبارًا مبشّرة، ونسبًا أعلى للمتطعِّمين حول العالم.
حملات التطعيم مستمرة حول العالم، الصورة لمتطعمّين في الهند| Shutterstock Manoej Paateel
اكتشاف لبّ الكوكب الأحمر
هذا العام، أسفرت قراءات المستنقعات التي أجراها مسبار "إنستايت" التابع لوكالة ناسا، عن أوّل رؤية كاملة لقشرة الكوكب الأحمر، غلافه ولبّه. القشرة والغلاف أرقّ من قشرة الأرض - لكنّ اللب واسع، ويشغل أكثر من نصف عرض الكوكب.
تكمن أهمّيّة هذه الإكتشافات الأخيرة في كونها تضمنت دليلًا جديدًا ومبهرًا، على أن المريخ كان دافئًا ورطبًا ومالحًا، أي أنّه بيئة مرشحّة قابلة لوجود الحياة المبكّرة عليه. ويعتبر هذا النوع من الاكتشافات مثيرًا وواعدًا، إذ أنّه يظهر ما بمقدور عالم جيولوجيّ إجراءه عن بعد، باستخدام منظومة وبرنامج جيدين، كما يسلط الاكتشاف بمزيد من الضوء على تطوّر التقنية الروبوتيّة، إذ تمّ جمع العيّنات والعديد من الخطوات البحثيّة من خلالها.
هل ينبّئ هذا الاكتشاف بإمكانيّة حقيقيّة لاستحداث الحياة على متن الكوكب الأحمر، وتهيئته للزراعة أو للاستيطان، أو ربّما لهجرةٍ بشرية محتملة؟ لا بدّ وأنّ الإجابة على هذه الأسئلة يقينًا ستستغرق بضع سنين أخرى من الأبحاث الحثيثة، لكن مع كلّ هذه السرعة في التطوّر التقني، من يدري حقًّا؟
المبنى الداخلي للكوكب الأحمر| الصورة: CLAUS LUNAU / SCIENCE PHOTO LIBRARY
مؤتمر غلاسكو: "الفرصة الأخيرة لإنقاذ الكوكب؟"
وقف بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا، في مؤتمر المناخ، "كوب 26"، مفاجئًا ومحذرًا العالم بأنّه إذا لم يتحرّك لوقف التغيّر المناخيّ، فستغرق مدنٌ بأكملها، مثلَ الإسكندرية، ميامي وشانغهاي. ربّما شعر جونسون بأنّه مضطرّ لاستخدام هذه النبرة القوية والسيناريو الدراماتيكيّ، الأشبه بمشهد أبوكاليبسيّ من أحد أفلام هوليوود عن نهاية العالم، لأنّه لم يعد يرى في الخطابات الاستجدائيّة العاديّة أيّ جدوى، في ظلّ التطوّرات المناخيّة السلبيّة التي يشهدها العالم. لكن هل فعلًا قد آل الوضع إلى هذه الخطورة؟ وهل نحن مقبلون فعلًا على سنواتٍ كارثيّة تهدّد بقاءنا؟
في السنوات القليلة الماضية، شهد الكوكب ارتفاعًا ملحوظًا في درجات الحرارة، وموجات من الجفاف والأعاصير والحرائق، والّتي حصلت جزئيًّا نتيجةً للتغيّر المناخيّ. أهمّ النقاط التي أجمع عليها علماء المناخ بعد تقييمهم للوضع الحاليّ، هو أنه إذا استمرّت البشريّة في إطلاق غازات الدّفيئة بالمعدّل الحاليّ، فالتّقدير السّائد هو أنّ بحلول عام 2100 سيرتفع متوسّط درجة الحرارة العالميّة بنحو أربع درجات مئويّة، وبناءً على ذلك، سيتعيّن على البشريّة والكائنات الحيّة الأخرى التّعامل مع تغيّرات بيئيّة بعيدة المدى. ستشتدّ الأعاصير، ستجفّ المناطق القاحلة أكثر، وستشهد المناطق الرّطبة زيادةً في هطول الأمطار والفيضانات. ومن المحتمل أن تؤدّي إزاحة المناطق المناخيّة إلى هجرة أجناس وأنظمة بيئيّة كاملة في جميع أنحاء العالم، وإلى انقراض تلك الّتي لن تكون قادرة على مواكبة المناخ المتغيّر بسرعة كافية، أو مواجهة حواجز غير صالحة للعبور. ستكثر موجات الحرّ الشّديد الّتي نشهدها اليوم، أكثر من مرّة واحدة بالمُعدّل في حياة الإنسان بشكل كبير، وقد تُهجَّر بلدان بأكملها غير صالحة للسّكن. يمكنكم الاطلاع على أبعادٍ أخرى ومخاطر محدقةٍ، قد يسبّبها التغيّر المتطرّف في المناخ في هذا المقال، والتوسّع أكثر في الحقائق العلميّة. لكن من المؤكّد أن تغييرًا ما في العالم آخذ في التطوّر، وبأننا نحن هم اللاعبون الرئيسيّون فيه، وأنّ الحفاظ على هذا الكوكب يحتاج ليبدأ كل فردٍ منّا بتغيير نمط حياته للأفضل.
غازات الدّخان المنبعثة من مداخن تكرير النفط، ولمحة عن الاحتباس الحراريّ| الصورة Shutterstock Tom Wang
جوائز نوبل لعام 21: آليّات استشعار الحرارة، المحفّزات العضويّة والنظم المعقّدة في سبيل تنبّؤ المناخ
في كانون الأوّل- ديسمبر من كلّ عام، يستلم الحائزون على جوائز نوبل جوائزهم المنتظرة في شتى المجالات التي تغطّيها الجائزة، عادةً ما كان تُجرى هذه الطّقوس في حفل مهيب، لكن يبدو أنّ الجائحة قد نجحت في التخطيط لمجرى آخر أقلّ احتفاليّة وتأجيجًا للمشاعر هذا العام أيضًا.
حاز هذا العام على جائزة نوبل في الطبّ وعلوم الأعضاء كلّ من ديفيد جوليوس وإرديم باتابوتيان، لاكتشافاتهما التي يسّرت فهم نشاط الخليّتين المسؤولتين عن استشعار الحرارة واللمس، وتمرير المعلومات إلى الدماغ. الاكتشاف عمليًّا هو لبروتينات تسمى بالقنواتٍ الأيونيّة، إحداهما مستشعرة ذات حساسيّة لدرجة الحرارة (مثل التي تستجيب لحرارة كوب شاي أو فلفل حارّ لاذع)، والأخرى للضغط الميكانيكيّ (تستجيب لحاسّة اللمس كالمصافحة أو الاحتضان)، وتلعب كلتاهما دورًا مهمًّا في تحديد المحفّزات من البيئة. يمكنكم الاطّلاع على أهمّيّة هذه الاكتشافات في التطويرات العلميّة عبر قراءة هذا المقال.
أمّا في مجال الكيمياء، فقد منحت نوبل لهذا العام بالمناصفة لكلّ من بنجامين ليست من معهد ماكس بلانك في ميلهايم، وديفيد ماكميلان من جامعة برينستون، لتطوير استخدام الجزيئات الصغيرة كمحفّزات للتفاعلات العضويّة، وبالأخصّ لتمكّنهما من التمييز بين شكلين هما فعليًّا "صور معكوسة" لنفس الجزيء، لكن فعليًّا لدى كلّ منهما وظيفة بيولوجيّة مختلفة. هذه القدرة على التمييز بين الجزيئات ضروريّة في صناعة الأدوية والمواد الأخرى. أدّت تطويرات ليست وماكميلان العلميّة إلى تغيير الصناعة الكيميائيّة على مدار العقدين الماضيين. يتمّ إنتاج مواد معينة اليوم بكفاءة أعلى بعّدة آلاف من المرات، ممّا كانت عليه قبل 30 عامًا فقط. وبهذا يمكننا القول، إنّ صناعة الأدوية والأغذية ومستحضرات التجميل والعديد من الصناعات الكيميائية الأخرى، قد أصبحت الآن أكثر كفاءة وسلامة للبيئة، بفضل الابتكارات والاكتشافات الرائدة.
ويبدو أنّ للحديث حول التغييرات المناخية في العالم حصّة الأسد في هذا العام، حيث كان موضوع جائزة نوبل في الفيزياء لهذا العام أبحاث التغيّرات المناخيّة والنظم المعقّدة، وقد منحت هذا العام لثلاثة باحثين في مجال النظم المعقّدة. نصف الجائزة الأول لكلّ من اليابانيّ شوكورو مانابي والألماني كلاوس هاسلمان، لتطويرهما نماذجَ تنبّؤ للتغيّرات المناخيّة، أمّا النصف الآخر فهو من نصيب الإيطاليّ جورجيو باريزي، لإسهامهِ في تطوير نماذج لبحث الأنظمة الإرتجافيّة على نطاقٍ واسع. فاز باريزي هذا العام بجائزة "وولف" لأبحاثه في الفيزياء النظريّة، التي تُمكِّن من توقّع ظواهر عديدة بدقّة متناهية، بدايةً من سلوك الجسيمات في نواة الذرّة، وحتّى أنظمة الكواكب. هذا كان إسهام هؤلاء العلماء للكرة الأرضيّة والبيئة، إذا كان لديكم حتّى الآن أيّ تردد حول مساهمتكم الشخصيّة، فقد حان الوقت للتفكير مجدّدًا، حيث ما زال هناك مجال للتأثير.
نجاح تنمية الأجنّة خارج الرحم
يمكن أن يوفّر فهم التطوّر الجنينيّ المبكّر نظرةً ثاقبةً على حالات الإجهاض والعيوب الخلقيّة، ومن شأنه أن يساعد العلماء والأطباء على تخطيط بروتوكولاتٍ أنجع للإخصاب في المختبر. في هذا المجال الذي كنّا نحسبُه قبل عدة سنين ضربًا من الخيال العلميّ، توصل مختبر بروفيسور يعقوب حنّا في معهد وايزمان إلى طرق جديدة لزراعة أجنّة من الفئران والخلايا الجذعيّة وتنميتها خارج الرحم، حيث يمكن أن تلغي الحاجة إلى استخدام أجنّة بشريّة حقيقيّة في بعض الدراسات.
وقد كانت مجلة Science العلميّة قد أدرجت هذا البحث لأهمّيّته العلميّة ضمن لائحة "أبرز الاختراقات العلميّة لعام 2021".
جنين فأر تطور لمدة ستة أيام خارج الرحم. تم وسم أعضائه النامية بواسطة تقنية الجينات الفلورسنتية (المضيئة)| الصورة: معهد وايزمان للعلوم
نظام الذكاء الاصطناعيّ يساهم بتشخيص السرطانات مجهولة المنشأ
طوّر باحثون من مختبر بروفيسور محمود (Mahmood Lab) في مستشفى Brigham and Women's في الولايات المتحدة نظام ذكاء اصطناعيّ (AI)، يستخدم شرائح الأنسجة المكتسبة بشكل روتينيّ، للعثور بدقّة على أصول النقائل السرطانيّة، التي لها أهمّيّة كبرى في تشخيص نوع السرطان، ومن ثمّ ملاءَمة علاج له. نُشر بحثه في مجلة nature العلمّيّة. هذه التقنيّة يمكنها أن تختصر فترة زمنيّة طويلة كانت تتراوح ما بين 2.7 إلى 16 شهرًا، يتمكّن فيها الأطباء من التشخيص من خلال فحوصات تشخيصيّة شاملة، الّتي قد تشمل اختبارات معمليّة إضافيّة، خزعات وإجراءات تنظير داخليّة، ممّا يؤخّر العلاج
المصادقة على أوّل جهاز للتصوير المقطعيّ المحوسب لحساب الفوتون (photon counting CT) في العالم
قامت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة (FDA) في 30 سبتمبر هذا العام، بالمصادقة على أوّل جهاز للتصوير المقطعي المحوسب لحساب الفوتون (CT) في العالم، أطلقت عليه شركة سيمنز إسم "نيوتوم ألفا"، أي "التصوير المقطعي الحديث"، التي قامت بتطويره بالشراكة مع مركز مايوكلينيك للإبتكار Mayo Clinic CT Clinical Innovation Center.
يستخدم الجهاز تقنية التصوير المقطعيّ المحوسب الناشئة لكاشفات عدّ الفوتون، والتي يمكنها قياس كلّ فوتون من الأشعة السينية المار عبر جسم المريض، على عكس الأنظمة الحاليّة التي تستخدم كاشفات تقيس الطاقة الإجماليّة الموجودة في العديد من الأشعة السينيّة في وقتٍ واحد. من خلال "حساب" كلّ فوتون فرديّ للأشعة السينيّة، يمكن الحصول على معلومات أكثر تفصيلًا عن المريض، واستخدامها لإنشاء صور ذات معلومات بجودة عالية، والتخلص على حدّ جيّد من معلومات غير مفيدة بل مضرّة، كضوضاء الصورة
وصف خبراء إدارة الغذاء والدواء (FDA) هذه التقنية الحديثة والتصوير المقطعيّ المحوسب (CT) على أنّها بداية ثورة في تقنية ماسح التصوير المقطعيّ المحوسب الجديدة، وهي أكبر تحوّل في التكنولوجيا لطريقة الأشعة المقطعيّة هذه منذ سنوات.
فحص مسح للقلب بواسطة جهاز سيمنز نيوتوم ألفا الجديد، وهو أول ماسح ضوئي تجاري يعمل بطريقة عدّ الفوتون| صورة دويتشر Zukunftpreis
علاج مرض وراثيّ في الكبد عن طريق حقن أداة تعديل الجينات CRISPR مباشرةً في جسم الشخص
منذ عام 2012، أقام الباحثون على تعديل كريسبر CRISPR، أداة تعديل الجينات التي تعدّل بسهولة الجينوم البشريّ، لعلاج الأمراض التي تسبّبها طفرات الحمض النوويّ. لكن حتّى هذا العام، كانت الطريقة التي تتضمّن حقن المريض بخلايا جذعيّة معدّلة، تُستخدم فقط لعلاج الحالات التي تكون طفراتها في مجرى الدم، مثل فقر الدم المنجليّ. في أغسطس من عام 2021، نشر الباحثون نتائج تجربة سريريّة أجريت على ستّة أشخاص حاول فيها الأطباء إصلاح خلل جينيّ، يسبّب حالة كبد نادرة تسمّى الداء النشوانيّ ترانستريتين. معبّأة داخل فقاعة صغيرة تُسمّى الجسيمات النانويّة الدهنيّة، شقّت تقنية تحرير الجينات طريقها إلى الكبد، حيث ذهبت للعمل على تصحيح الخلايا المعيبة. ما زال هناك طريق طويل لنقطعه قبل أن نجد هذا العلاج، الذي ما زال في المرحلة الأولى من التجارب السريريّة، في طريقه إلى السوق. لكن، إذا نجحت، يمكن أن تمهّد الطريق لعلاج مجموعة واسعة من الحالات الجينيّة
يجدر بالذكر أنّ ابتكار طريقة لتعديل الجينوم هذه (كريسبر CRISPR)، قد منحت جائزة نوبل للكيمياء لعام 2020 لكلّ من بروفيسور جنيفر آن داودنا وبروفيسور إيمانويل شاربنتييه.
الهندسة الجينيّة بتقنية كريسبر تعتبر من أكثر التقنيات الواعدة في علاج العديد من الأمراض.| صورة إيضاحيّة NOBEASTSOFIERCE / SCIENCE PHOTO LIBRARY
إطلاق سيمجلي - منتج إنسولين بديل حيويّ قابل للتبديل
يعتبر الإنسولين -وهو هرمون ينتج عادةً في البنكرياس، ويساعد في معالجة الجلوكوز- ضروريًّا للبقاء على قيد الحياة بالنسبة للعديد من مرضى السكَّريّ. على الرغم من ذلك، يظلّ الأنسولين منتجًا مكلّفًا للغاية، حتّى بالنسبة للمؤمّنين صحيًّا بالكامل. لمعالجة هذه الإشكالية، طوّرت شركتا Biocon Biologics and Viatris منتج سيمجلي (SEMGLEE) وهو إنسولين بديل حيويّ قابل للتبديل - الأوّل من نوعه الذي يحظى بتقدير إدارة الغذاء والدواء (FDA). البديل الحيويّ هو علاج بيولوجيّ (الهرمونات واللقاحات على سبيل المثال) ليس له أي اختلاف ملموس بالفعل عن العلاج الّذي تعتمده إدارة الغذاء والدواء (FDA) والموجود في السوق.
قنبلة إشعاعيّة صغيرة ذكيّة لعلاج سرطان البروستاتة
نجح باحثون في مركز تولين للسرطان في نيو أورلينز تطوير علاج لسرطان البروستاتة، الذي يصيب 1 من كلّ 8 رجال في الولايات المتّحدة. يطلق على اسم العلاج Lutetium-177-PSMA-617، الذي يعتمد على طريقة العلاج المستهدف أي توجيه إشعاع مباشرةً إلى الخليَّة السرطانيّة، مع الحفاظ على الأنسجة السليمة من حولها.
تستخدم الطريقة مركّبًا يُسمّى PSMA-617، للتركيز على بروتين موجود بشكل حصريّ تقريبًا في خلايا سرطان البروستاتا، ثمّ يقوم الجُسيم المشعّ الذي يحمله المركّب بتفجير الخلايا السرطانيّة أيْنما كانت.
في سبتمبر المنصرم، منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة (FDA) حالة مراجعة أوليّة للعلاج، وفقًا لشركة الأدوية نوفارتيس التي موّلت الدراسة. من المتوقّع أن يصدر جواب إدارة الغذاء والدواء خلال منتصف عام 2022.
وفقًا للباحثين، فإنّ هذا التطوّر يعتبر من الأكبر في مجال سرطان البروستاتة.
علاج مضاد للسرطان. رسم توضيحي يُظهر مشهدًا بصريًا مباشرًا على الخلية السرطانية. | الصورة: KATERYNA KON / SCIENCE PHOTO LIBRARY
بصيص أمل لِخرَف الشيخوخة
وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة (FDA) هذا العام على Aduhelm (معروف أيضا باسم aducanumab)، لعلاج المرضى الذين يعانون من خرَف الشيخوخة أو مرض الزهايمر. اختارت إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة استخدام مسار الموافقة المعجّل، الذي بموجبه توافق هي على دواء لمرض خطير أو يهدّد الحياة، والذي قد يوفّر فائدة علاجيّة ذات مغزى على العلاجات الحاليّة، عندما يظهر أنّ العقار يؤثّر على نقطة النهاية، بالتالي، من المحتمل أن يعود ذلك بفائدة سريريّة على المرضى، الأمر الذي ما زال قيد الترقّب.
هذه الموافقة مهمّة من نواحٍ كثيرة. Aduhelm هو أوّل علاج جديد معتمد لمرض الزهايمر منذ عام 2003. وربّما الأهمّ من ذلك، أنّ Aduhelm هو العلاج الأوّل الموجّه إلى الفيزيولوجيا المرضيّة الكامنة لمرض الزهايمر، ووجود لويحات بيتا أميلويد في الدماغ. كانت التجارب السريريّة لـ Aduhelm هي الأولى التي أظهرت أنّ الانخفاض في هذه اللويحات -وهي سمة مميّزة في دماغ مرضى الزهايمر- من المتوقّع أن يؤدّي إلى انخفاض في التدهور السريريّ لهذا الشكل المدمّر من الخرف.
ستستمرّ إدارة الغذاء والدواء في مراقبة Aduhelm مع وصوله إلى السوق وإلى أيدي المرضى. بالإضافة إلى ذلك، قد طلبت إدارة الغذاء والدواء من Biogen الشركة المصنّعة لهذا الدواء، إجراء تجارب سريريّة أُخرى، وذلك للتحقّق من الفائدة السريريّة للعقار.
جزئيات تراقص الشلل
طوّر باحثو جامعة نورث وسترن علاجًا جديدًا بطريق الحقن، يستخدم "جزيئات الرقص" لمعاكسة الشلل وإصلاح الأنسجة بعد إصابات شديدة في النخاع الشوكيّ.
ضمن دراستهم الجديدة، قام الباحثون بإعطاء حقنة واحدة للأنسجة المحيطة للنخاع الشوكي لفئران مشلولة. بعد أربعة أسابيع فقط، استعادت الفئران قدرتها على المشي مجدّدًا.
يكمن السر وراء هذا الاختراق العلاجيّ الجديد في ضبط حركة الجزيئات، حتّى تتمكّن من العثور على المستقبلات الخلويّة المتحرّكة باستمرار، والتعامل معها بشكل صحيح. يُحقن العلاج في صورة سائل، ويتحوّل فورًا إلى شبكة معقّدة من الألياف النانويّة التي تحاكي المصفوفة (Matrix) خارج الخليّة للنخاع الشوكيّ. من خلال مطابقة بنية المصفوفة، ومحاكاة حركة الجزيئات البيولوجيّة ودمج إشارات المستقبلات، تكون المواد الاصطناعيّة قادرة على التواصل مع الخلايا. واستيحاءً بهذه الميزات، أطلق على هذه الجزيئات إسم "جزيئات الرقص".
رسم صورة ايحائية لعمود فقري وبداخله النخاع الشوكي لامرأة أثناء الجري| الصورة Shutterstock
تقدّم آخر بمسيرة الحساب الكمومي (quantum computing)
كشفت مؤخرا شركة IBM Quantum عن Eagle، وهو مُعالج معلومات قادراً على معالجة كمية ضخمة من البيانات المعقدة التي لا يمكن معالجتها أو محاكاتها على الحواسيب التقليدية.
Eagle, أي النسر، هو معالج كمّيّ بسعة 127 كيوبت، وهي وحدة قياس البيانات في الحوسبة الكمية. هذا المعالج يقود أجهزة الكمبيوتر الكموميّة إلى عصر جديد، وذلك لونه الأول الذي بمقدرته بلوغ ما وراء حاجز الـ 100 كيوبت.
أهمية المعالج الكمي تكمن في مقدرة الحاسوب على معالجة كمية هائلة من المواد لحل مشاكل عالمية معقدة. وبحسب الشركة، سيتمكَّن مستخدمو Eagle من استكشاف منطقة حسابيّة مجهولة - تعتبر مَعلَمًا رئيسيًّا في الطريق نحو الحساب الكمّيّ العمليّ.
تكمن أهمّيّة ذلك، بأنّ مع زيادة حجم المعالجات الكموميّة، يضاعف كلّ كيوبت إضافيّ مقدار التعقيد الحيّزيّ- أي مقدار مساحة الذاكرة المطلوبة لتنفيذ الخوارزميّات - لجهاز كمبيوتر كلاسيكيّ لمحاكاة الدوائر الكموميّة بشكل موثوق.
على الرغم من أن الحوسبة الكمية تقدم تطبيقات مستقبلية مميزة للتعامل مع مشكلات العالم، إلا أنها في نفس الوقت تهدد الأمن الإلكتروني بشكل كبير، فمعظم أساليب التشفير الحديثة المستخدمة حالياً في العالم الرقمي تعتمد وبشكل أساسي على أن الأجهزة الحاسوبية تستغرق وقتاً طويلاً لفك تشفيرها، لكن ذلك سيتغير تماماً مع الحوسبة الكمية لأنها ستتمكن من فك هذا التشفير بسهولة وبسرعة، ما يهدد الأمن الرقمي للعالم.
يا ترى، ما هي أولى مشكلات العالم التي ستحظى بحل بفضل هذه التطورات عالية التقنية؟
مفهوم الذكاء الاصطناعي ومعالج الحوسبة الكمومية الروبوتية لتكنولوجيا الأعمال والهندسة وتصميم الابتكارات| Shutterstock Ozz Design
إعادة بناء الأذنين من صنع الإنسان (hEAR) عن طريق قولبة مطبوعة ثلاثيّة الأبعاد
تمكَّن باحثون من مركز التخنيون والمركز الطبي شيبا من تطوير تقنيّة فعّالة، من شأنها أن تنتج قطع زراعة تجميليّة ووظيفيّة مخصّصة لإعادة تأهيل الأذن التي نمت بشكل جزئيّ.
يساعد هذا الاختراق بشكل كبير الأطفال الذين يعانون من Microtia، وهي حالة يكون فيها نموّ الأذن غير طبيعيّ بحيث يكون صيوانها صغيرًا ومشوّهًا. تحدث هذه الظاهرة في حوالي 0.1 إلى 0.3 في المائة من المواليد. بالإضافة إلى تأثيراتها الجماليّة، تشمل أحيانًا هذه الظاهرة ضعف السمع.
يستخدم العلاج المعتاد أنسجة غضروف ضلع مأخوذة من منطقة صدر المريض وهو علاج مؤلم، غير مريح ويمكنه أن يسبّب مضاعفات، ويعتمد نجاحه جماليًّا على مهارة الجرّاح وقدراته.
تعتمد الطريقة الحديثة على إنتاج هيكل فريد من نوعه من خلايا المريض نفسه، ممّا سيقلّل من المعاناة والمخاطر التي يتعرّض لها الأطفال، نتيجة اقتلاع غضروف الضلع من أجسادهم. يسمح هذا الهيكل بإنشاء أذن خارجيّة مستقرّة وجماليّة، بطباعة ثلاثيّة الأبعاد، قابلة للتحلّل الحيويّ حين تنمو عليها الخلايا الغضروفيّة -الخلايا المتخصّصة التي يتكوّن منها الغضروف- والخلايا الجذعيّة الكيميائيّة الدقيقة. يحتوي الهيكل العظميّ على ثقوب صغيرة بأحجام مختلفة، التي تسمح للخلايا بالالتصاق ببعضها البعض في نسيج غضروفيّ مستقرّ. نجح الباحثون في زراعة أذن لفأر بهذه الطريقة، وتمّ امتصاص ناجح للزرع، ووظيفة ميكانيكيّة حيويّة جيّدة للأذن الاصطناعيّة.
رسم توضيحي لطابعة ثلاثية الأبعاد تطبع أذنًا | IMAGO
عِلمي عِلمك، سلسلة مقالات بقلم عضوات مجموعة AWSc، من خلالها يناقش كل مقال موضوع الساعة في كل ما يخص العلم، العلوم والهندسة، بهدف نشر معلومات مفيدة من مصادر موثقة، وجلب مواضيع هامة لصدارة معرفة القارئ/ة وليكن ما عُلم لدينا عُلم لديكم/ن.